تفاجأ إيلي يوم أمس عندما رأى فاتورة "كروزات السجائر" التي اشتراها من الموزع ليبيعها في دكانه، فالسعر اختلف عن السابق، وسعر "الكروز" ارتفع ثلاثة دولارات اميركية. ولكن صدمة احمد كانت أكبر عندما اشترى علبة "معسّل تفاحتين" بـ3250 ليرة بعد أن كانت منذ ساعات فقط بمبلغ 2500. انه جشع التجار وأصحاب المحال التجارية، وكأنهم ينتظرون "سببا" كي ينقضوا على "الشعب".

أمس، اشترى طارق ابو زينب علبة سجائر من النوع الوطني "سيدرز" بـ 1250 ليرة بعد أن كانت بـ1000 ليرة، مع العلم أن الصناعة الوطنيّة لا تطالها الضريبة التي لم تقرّ بعد، ويقول أبو زينب لـ"النشرة": "نحن مع ​الضرائب​ على السلع الثانوية كالسيجار مثلا ولكن لا يجب أن تطال الضريبة الأمور الاساسية"، متسائلا "لماذا لا تطال الضريبة النواب والوزراء". كذلك باع احد المتاجر في بيروت علبة "القهوة أو البن" التي كان سعرها 10500 ليرة لبنانية بمبلغ 12000 ليرة، متذرعا بـ"الواحد" بالمئة الاضافية على الضريبة على القيمة المضافة، وفي عملية حسابية بسيطة وعلى افتراض ان الواحد بالمئة قد أقرت وأصبحت سارية المفعول فإن سعر علبة "القهوة" سيصبح 10650 ليرة لبنانية، وبالتالي فإن صاحب المتجر استغل الحديث عن الضرائب ورفع السعر بنسبة 15 بالمئة. مع العلم انه كانت قد انتشرت بالأمس صورة لعلبة معسل وعليها التسعيرة: 3500 ليرة لبنانية.

إن هذه الزيادات العشوائية في أسعار السلع ستنتشر سريعا في السوق، يؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك ​زهير برو​، لافتا النظر في حديث لـ"النشرة" الى أن "التجربة الماضية تشير الى ان أي حديث عن مواضيع ضريبية أو زيادات في الرواتب يؤدّي لاستنفار التجار بكافة اشكالهم وانواعهم، والاتجاه نحو الاستفادة من الحديث الوهمي او الحقيقي ليرفعوا الأسعار بنسب اعلى بكثير من الواقع".

يؤكّد برو أن جمعية حماية المستهلك علمت بارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، ونشرت فرقها في السوق لإعداد دراسة واضحة عن الزيادات، كاشفا ان السبب الرئيسي لهذا الأمر هو "تعاطي معظم الطبقة السياسية او عائلاتها بالتجارة، وبالتالي فإن بنيان الدولة تحت سيطرة هؤلاء التجار"، مشيرا الى أن الحلول لن تكون متوفّرة ما لم تبدأ بإصلاح هذا البنيان العاطل. ويضيف برو: "السبب الثاني هو عدم وجود ادارات تهتم بالمستهلكين بل على العكس فإن الادارات تعمل للوصول الى "تجارة مريحة" وهذا يفسر ما قاله البنك الدولي بأن الاسعار في لبنان أعلى بـ30 بالمئة من الأسعار في كل المنطقة المحيطة بنا".

من جهته يعلن وزير الإقتصاد والتجارة ​رائد خوري​ أن وزارته بصدد إصدار تعميم على كل التجار يحذرهم من مغبة التلاعب بالأسعار بشكل غير منطقي أو يفوق الزيادة الضريبية التي من المحتمل أن تزداد، مشددا في حديث لـ"النشرة" على انه لا يوجد أي مبرر لارتفاع الاسعار اليوم لأن أي ضريبة لم تصدر بعد، طالبا من المواطنين الذين يريدون أن يشتكوا على رافعي الأسعار الاتّصال على الخط الساخن في وزارة الإقتصاد على الرقم 01982351، مع العلم أننا حاولنا الاتصال ولم يُجِبنا أحد، او على الرقم 1739 حيث يقوم المواطن بتسجيل رقمه وشكواه آليا بعد سماع الصفارة. ولكن للنصيحة قاطعوا "الجشعين".

قد يبدو صحيحا أن الضرائب التي اراد النواب فرضها على الشعب لا تطال الطبقات الفقيرة بنسب كبيرة، ولكن هل يعقل أن تكون مسألة رفع التجار لأسعار "كل شيء" قد غابت عن بال المسؤولين، على الرغم من تكرارها كلما فاحت رائحة زيادة الرواتب أو فرض الضرائب، وماذا فعل هؤلاء كي يكبحوا جماح أهل الجشع؟.

إن الحديث عن سلسلة رتب ورواتب يستفيد منها ربع المواطنين اللبنانيين فقط، رَفَعَ الأسعار بظل دولة مهترئة وضعيفة، فكيف ستكون النتيجة بحال إقرار السلسلة والضرائب على القطاعين العام والخاص؟ وهل سيتحقّق ما قاله أحد الخبراء بأن اللبنانيين مُقبلون على كارثة اقتصادية واجتماعية لن يسلم منها احد؟.