لم يكن "الكليب" الإباحي لإحدى الفنانات الإستعراضيات حدثا فريدا على شاشات التلفزة، ولا يعتبر مشهد "الجثث" على الشاشة اللبنانية في انفجار أو حادث سير مروع غريبا. ويمكن القول أن التقارير المسيئة للدين والأخلاق وإشعال الحساسيات الطائفية والمذهبية أمست أمرا عاديا يمر على وسائلنا الإعلامية في كل يوم، تماما كما أصبحت البرامج الكوميدية "الجنسية" فخر "الصناعة اللبنانية".

تعاني الوسائل الاعلامية اللبنانية بشكل عام والتلفزيونية بشكل خاص من "مرض" السبق الصحفي، وهذا ما يُلغي وجود الكثير من الضوابط الضرورية لصون "الفكرة" التي يبثها الاعلام الى رأس المشاهد. وفي سياق الحديث عن أدوار الإعلام في تعزيز السلام والاستقرار الاجتماعي، عقدت مؤسسة "​مهارات​" ورشة دولية بحثت فيها "تجاربا" من العالم حول هذا الدور، ثم انتقلت للحديث عن التجربة اللبنانية، محاولة استخلاص "مجموعة توصيات" يتم ارسالها الى وزير الاعلام ملحم الرياشي لحماية مهنة "الاعلام" في لبنان. وهنا تشير المديرة التنفيذية لمؤسسة مهارات ​رولى مخايل​ في حديث لـ"النشرة" أن الامر الاساسي الذي "يحمي" محتوى الشاشات اللبنانية هو "التنظيم الذاتي"، اذ أن المؤسسات الاعلامية مدعوة لأن يكون لديها "تنظيما ذاتيا" يحدد لها المعايير المهنية، التي ينبغي الالتزام بها كونها مسؤولة بالدرجة الاولى عن محتوى المواد التي يتلقاها المجتمع.

وتضيف مخايل في حديث لـ"النشرة": "السؤال الأساسي الذي يجب أن يُطرح: هل الاعلام هو انعكاس للمجتمع او يملك دورا في تغييره وفلترة (Filtrage) الاخبار والمعلومات التي يبثها"؟، مشيرة الى أن الواقع الحالي يُظهر أن دور الاعلام في لبنان غير واضح. وفي مقابل "التنظيم الذاتي" تدعو مخايل الى تفعيل أعمال هيئات الرقابة لأن المحتوى المؤذي وغير القانوني يجب أن تقابله "غرامات" موجعة، وهذا ما يحصل في غالبيّة البلدان المتقدمة.

إن الحديث عن الإعلام المرئي والمسموع لا يعني أن باقي أطراف المنظومة الإعلامية يسيرون في طريق الصواب، وواقع الإعلام الالكتروني مثلا لا يختلف كثيرا عن غيره خصوصا بظل غياب المواد القانونية التي تنظّم عمل المواقع الالكترونية التي تنتشر كالنار في الهشيم. إنما سنكتفي في هذا التقرير بما يظهر على الشاشة لما لهذه الوسيلة من تأثير كبير على المجتمع اللبناني. وفي هذا الإطار، كلّنا نعلم أن الهيئات الرقابية على الإعلام لا تعمل في لبنان، فالمجلس الوطني للإعلام مثلا لا يملك سلطة تقريريّة، بل يكتفي بإرسال الإشارات الى الوزارات للتحرك، كذلك شكّلت التبعيّة السياسيّة للوسائل الإعلامية "مظلّة" تحميها عند الضرورة، وهذا ما يجعل "العقاب" صُوريًّا، فهل يكون الحل عبر "مرصد عائلتي"؟.

فقد علمت "النشرة" من مصادر موثوقة، أن وزير الإعلام ملحم الرياشي أطلق فكرة إنشاء "مرصد" يدعى "مرصد عائلتي"، ويُعنى برصد التجاوزات الأخلاقية لوسائل الإعلام، وبالتفصيل أكثر تكون مهمته "رصد" جميع المواضيع الصادمة والمؤذية التي تُفتح على الهواء في البرامج الاجتماعية، الايحاءات الجنسية، اضافة للتقارير المسيئة للدين والأخلاق.

وتضيف المصادر: "إن العمل في مشروع المرصد يسير على قدم وساق وأصبح في مرحلة إعداد مجلس الأمناء، الذي سيتكون من أكاديميين وأصحاب خبرة وممن شاركوا سابقا في هيئة مراقبة الإنتخابات النيابيّة. فهل يشكّل المرصد نقلة نوعية في مجال "اخلاقيات" مهنة الإعلام، أم أن الحل بحاجة لعلاج جذري يبدأ من تبعية الوسائل الاعلامية ولا ينتهي في تبعية هيئات الرقابة؟.