فجأة ودون سابق انذار، اقفل "​موقف النجمة​" في صيدا ابوابه امام مئات سائقي الباصات و​السيارات العمومية​ ومن مختلف المناطق اللبنانية، الذين كانوا يرتزقون من الوقوف فيه والعمل على خط صيدا-بيروت من جهة وخط صيدا-الجنوب من جهة أخرى وبينهما خط صيدا-شتورا ايضا.

مفاجأة الاقفال، مردّها الى بيع آل الحريري منذ فترة من الزمن أرض الموقف، الذي افتتح ابوابه امام السائقين منذ تسعينيات القرن الماضي، ربما من حق صاحب الارض وهو رجل الاعمال ​محمد زيدان​، ان يقرر ما يريد ان يفعل بها، ولكن في مثل هذه الحالات يجب توجيه تنبيه على الاقل واعطاء انذار للاخلاء، كي لا تحدث بمشكلة حياتية جديدة امام صيدا والسائقين فيها وقد جهدت بلديتها على تنظيم هذا القطاع بعيدا عن الفوضى والعشوائية و"خلط الحبل بالنابل".

وقرار زيدان هذا، ليس الاول من نوعه في صيدا، فقد سبق وأن اشترى ارض الكنايات عند "نهر الاولي"، ثم منع الدخول اليها فجأة، قبل ان يقوم بتصوينها بجدار اسمنتي ويعيد السماح بالدخول المجاني اليها وفق الية محددة تحافظ على الملكية وتسمح في الوقت نفسه للصيداويين بالتنزه في هذه المنطقة التي ترتبط بذاكرة المدينة وذكريات ابنائها، حيث كانت الملاذ الوحيد في تلك الحقبة التاريخية من الزمن الجميل، اليوم يتكرر الحديث عن تكرار التجربة، حيث يتجه الى ابقاء الموقف وتنظيمه وتطويره وتعيين ادارة جديدة، مقابل رسوم شهرية يدفعها السائقون بالتنسيق مع نقابات اتحادات النقل و​بلدية صيدا​.

وأبعد من ذلك، رمى زيدان كرة ملتهبة في وجه بلدية صيدا، ووضعها تحت الامر الواقع في "ازمة" تتخطى البعد المعيشي الحياتي، لتصل الى البعد الوطني، وحرص المدينة على الانفتاح والتلاقي مع الجنوب تحديدا، في وقت ما زالت تستعيد فيه الثقة ومد جسور التواصل بعد تداعيات مرحلة احمد الاسير وخطابه المذهبي ومحاولة أخذ المدينة على الانغلاق تحت شعارات متعددة.

بين الامرين، كانت الاتصالات واللقاءات على مستوى عال، لتمرير هذه الازمة بأقل الخسائر الممكنة، لم تجد البلدية حلاًّ سريعا وواضحا، ولكن رئيس بلديتها ​محمد السعودي​ الذي تمرس على تفكيك الالغام السياسية والبلدية، ولعب دور الاطفائي في اكثر من ملف، استخدم خرطوم المياه للتبريد، ووعد بشكل حازم وقاطع وحاسم، ان البلدية لن تتخلى عن السائقين وتواصلهم مع المناطق اللبنانية كافة، ستقف معهم وتؤمن لهم البديل في اقرب وقت ممكن.

وعد المعالجة والبحث عن بديل، حدده السعودي بنحو خمسة اسابيع الى ستة، سمحت البلدية خلالها للسائقين بالوقوف موقّتا عند الكورنيش البحري، قبالة مرفأ صيدا الجديد اي عند الطرف الجنوبي للمدينة، حيث تكون الانعكاسات السلبية لهذا القرار ضيئلا لجهة الازدحام وحتى الفوضى، يدعمه في ذلك رئيس اتحادات النقل ​بسام طليس​، صوت رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الحراك الشعبي والمطلبي، مؤكدا ان الاتصالات السياسية والامنية التي جرت لايجاد الحل قد اثمرت، وتم الاتفاق على تأمين موقف الموقّت قبالة المرفأ الجديد دون رسوم مالية او شروط، والية عمل معينة، وليس هناك دور لـ"السماسرة" و"الشبيحة" وسيكون بإدارة النقابات وباشراف البلدية"، مضيفا "نريد ان نحفظ كرامة السائقين والمخافظة على مصلحتهم".

على الارض، كان سائقو الباصات والفانات والسيارات العمومية في صيدا والجنوب واقليم الخروب يحتجّون غضبا، معتبرين ان اقفال موقف "النجمة" دون تأمين البديل، يعني قطع ارزاق اكثر لمئات العائلات، ومن ورائها الاف الافراد الذين يعتاشون منه وتاليا فان اقفاله سبب ضررا على المحال التجارية المحيطة به التي كانت ترتكز في مبيعاتها على حركة المواطنين العابرين من والى صيدا ومن السائقين انفسهم، اضافة الى التسبب في مشكلة تنقل المواطنين بين صيدا وبيروت من جهة وصيدا والجنوب من جهة اخرى، كون مدينة صيدا هي صلة الوصل ونقطة تواصل للمناطق اللبنانية فضلا عن كونها عاصمة للجنوب.