الإرهاب في مصر كما الإرهاب في سورية، كما هو في العراق، في لبنان، في اليمن، وفي ليبيا، في الشرق والغرب، في أوروبا، في بلجيكا وفرنسا وهولندا والسويد، في كلّ مكان من العالم، وحتى في الولايات المتحدة الأميركية وفي روسيا، الإرهاب يقتل الأبرياء اعتماداً على غريزة القتل.

في سبيل ماذا يتمّ كل ذلك في كلّ هذا العالم الذي عرف الحضارة بالفلسفة والتكنولوجيا والفن. لمَ يحصل كلّ هذا القتل البربري من دون تمييز بين رجل وامرأة، بين أبيض وأسود بين كلّ الناس وكلّ الناس؟

الأسئلة كثيرة ومتلاحقة، لكن ما هو مؤكد أنّ هناك جهة متطرفة نشأت على غريزة القتل ديدنها الإرهاب. وهذا الإرهاب هو نفسه يشكل ذريعة ووسيلة في آن لبلوغ أهداف وغايات استعمارية. فباسم محاربة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل جرى احتلال العراق من قِبل أميركا وتجزئته، وهو أحد موائل الحضارة الإنسانية. كما أنّ الإرهاب هو سبب ما حصل في ليبيا من قتل وتدمير وتفتيت وسرقة لموارد الطاقة وما يحصل الآن في اليمن والسودان وكلّ البلدان العربية، من مصر إلى الخليج إلى كلّ مكان في هذا العالم العربي.

منذ احتلال فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وهذا الكيان يتمدّد على حساب أراضي الأمة السورية، ومنذ «سايكس بيكو» 1916 وبلفور 1917 من القرن الماضي، تحوّل الإرهاب من قتل للأفراد إلى مشروع قتل للأمم والشعوب. الإرهاب هذا، هو عنوان هذه المرحلة من التاريخ الجديد، وكما يُقال: «التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة بشكل مأساة ومرة بشكل مهزلة».

المأساة في فلسطين تستمرّ منذ عقود وعقود. ولا أحد في العالم يستنكر ذلك. ما يعني أنّ الإرهاب لا يقتصر على «عقائد» التطرف الديني والعنصرية الحاقدة، بل إنّ دولاً غربية تزعم أنها حضارية تمارس هذا الإرهاب، فهي تغلّب مصالحها على حساب مصالح شعوبها والشعوب الأخرى. لذلك فإنّ الإرهاب الذي يطال فلسطين والشعوب العربية بدأ يطال دول الغرب ذاتها. ففي كلّ مكان من أوروبا قتل وإرهاب.

إذن الإرهاب يمنع الحياة ليس في الشرق فحسب، بل في دول الغرب أيضاً. مما يطرح السؤال الكبير حول مصير الحضارة ذاتها. إن كانت تكنولوجية أو كانت غير ذلك. إذن إنّ الإنسانية مهدّدة في حاضرها وفي مستقبلها أيضاً.

قرون بأسرها والإرهاب يهدّد الحضارة، إنه يقتل من دون تمييز في الكنيسة، كما حصل مؤخراً في الاسكندرية وفي طنطا وفي الجامع في البرّ وفي البحرّ وفي كلّ مكان من هذا العالم.

ما السبيل إلى المعالجة؟ إنه سؤال كبير لا بدّ أن تجيب الإنسانية عليه. في ما المقاومة وحدها تردّ على هذا السؤال. المقاومة في لبنان وفي فلسطين، في كلّ مكان من هذا العالم الفسيح.

إنّ المقاومة هي أسلوب حياة، في العسكر وفي السياسة، في الثقافة وفي الامتداد من المجهول الأسود إلى المعلوم الحضاري الذي يمتدّ إلى حركة المستقبل.

ولأنّ الإرهاب هو حَدَثٌ ضدّ الحضارة الإنسانية، فإنّ هذه الحضارة معنيّة بأن تحافظ على ذاتها بالمقاومة التي ساهم لبنان في تقديم نموذج عنها لا مثيل له. وهو نموذج الانتصار على الاحتلال والإرهاب. فلقد أكدت المقاومة في لبنان أنها تستطيع أن تهزم الجيش الذي قيل إنه «جيش لا يُقهَر»، وبذلك يكون لبنان بمقاومته وبوحدة جيشه وشعبه قد قدّم النموذج الكبير في مقاومة الإرهاب.

نعم إنّ المقاومة تقهر الإرهاب.