بعد يوم طويل من الأخذ والرد، الذي ترجم توتراً لدى فئات واسعة من المواطنين على خلفية الأنباء عن تحركات شعبية قد ترافق جلسة التمديد لولاية مجلس النواب، خرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لينهي السجال، بعد أن قرر إستخدام صلاحياته الدستورية لتعليق عمل البرلمان شهراً واحداً، لكن بالتزامن خرجت إلى النور معلومات عن قرب الإتفاق على مشروع قانون إنتخابي جديد بعد 8 سنوات على آخر انتخابات نيابية شهدها لبنان في العام 2009.

من حيث المبدأ بات هناك إتفاق على المبادىء العامة، هذا ما تؤكد عليه مصادر مطلعة لـ"النشرة"، حيث تشير إلى أن التوجه هو نحو إعتماد مشروع القانون التأهيلي على أساس القضاء مع إعتماد النسبية في الدوائر الأكبر، لكنها تكشف أن الخلاف لا يزال على 4 نقاط أساسية من الممكن أن تعيد الأمور من جديد إلى نقطة الصفر.

وتشرح هذه المصادر أن الخلاف يدور حول عدد المرشحين الذين من المفترض أن يتنافسوا في المرحلة الثانية، حيث سيتم إعتماد النظام النسبي، بالإضافة إلى موضوع الصوت التفضيلي وامكانية انحصاره بالقضاء أم لا، وحول عدد الدوائر في المرحلة الثانية، من دون تجاهل النقاش الذي لا يزال قائماً حول مدة التمديد التقني.

من وجهة نظر مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات ​عبدو سعد​، هذا الإقتراح يؤمن مصالح الأقوياء، ويعتبر أن من الممكن القول أنه قانون تسوية يساهم في إزالة الهواجس عند المسيحيين لكنه يظلم اللاطائفيين، ويسأل: "طالما الهواجس التي لدى المسيحيين لم تعد موجودة لماذا لا يتم التصويت في المرحلة الثانية على أساس لبنان دائرة واحدة؟"

وفي حديث لـ"النشرة"، يشير سعد إلى أن هذا القانون ربما يتضمن مخالفات دستورية، لناحية عدم المساواة بين المواطنين بشكل أساسي، ويوضح أنه في المرحلة الأولى المسيحيون هم من سيختارون مرشحيهم، والمسلمون أيضاً هم من سيختارون مرشحيهم الذين سيتنافسون في المرحلة الثانية على الأساس النسبي.

على هذا الصعيد، توضح مصادر "النشرة"، أن الإنتخاب سيكون في المرحلة التأهيلية على أساس 26 قضاء، بحيث يذهب الناخبون المسلمون في كل قضاء إلى إنتخاب مرشحين أو 3 أو أكثر، حسب ما يتم الإتفاق، لكل مقعد مسلم والأمر نفسه ينطبق على الناخبين المسيحيين، لكن المسلمين في الأقضية التي لا يوجد فيها مقعد مسلم لن يتمكنوا من المشاركة في المرحلة الأولى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسيحيين الموجودين في أقضية لا يوجد فيها مقعد مسيحي.

في هذا السياق، يشرح الباحث في "الدولية للمعلومات" ​محمد شمس الدين​، في حديث لـ"النشرة"، الطريقة التي ستتم فيها عملية الإنتخاب، ويوضح أنه في قضاء صيدا على سبيل المثال يذهب الناخبون المسلمون فقط إلى إختيار 4 مرشحين للتنافس في المرحلة الثانية على مقعدين سنيين (حسب عدد الذين سيتنافسون عن كل مقعد في المرحلة الثانية، أي أن عدد المرشحين الذين يتم إختيارهم في المرحلة الأولى قد يصبح 6 بحال تم الإتفاق على أن التنافس عن كل مقعد يكون بين 3 مرشحين في المرحلة الثانية لا 2)، بينما في قضاء جزين سيذهب الناخبون المسيحيون فقط إلى إختيار 6 مرشحين للتنافس على 3 مقاعد مسيحية، ويضيف: "هناك ناخبون مسلمون ومسيحيون لن يشاركوا في المرحلة الأولى من عملية الإنتخاب".

بالنسبة إلى المرحلة الثانية من العملية الإنتخابية، يوضح شمس الدين أن الإقتراع سيتم على الأساس النسبي ضمن دوائر أكبر (لم يتم الإتفاق حتى الساعة على عدد محدد)، وسيذهب الجميع إلى الإقتراع على هذا الأساس إلى لائحة معينة مع صوت تفضيلي (لم يحسم بعد إن سيكون محصوراً بالقضاء أم محررا)، ويضيف: "إذا كان هناك دائرة من 10 مقاعد سيكون لدينا 20 مرشحاً ينقسمون على لائحتين بحال كان التنافس بالمرحلة الثانية بين مرشحين عن كل مقعد فقط"، أما فيما يتعلق بالصوت التفضيلي فيشير إلى أن النقاش هو حول إذا كان الناخب يستطيع أن يمنحه في المرحلة الثانية إلى أي مرشح على اللائحة التي سيقترع لها أم أنه مجبرا على إختيار مرشح من القضاء الذي ينتمي إليه.

بعد الإنتهاء من المرحلتين الأولى والثانية تأتي مرحلة النتائج، حيث ستحصل كل لائحة في المرحلة الثانية على عدد مقاعد في البرلمان يوازي نسبة الأصوات التي حصلت عليه (إذا فازت الأولى في دائرة 10 مقاعد بـ60% من الأصوات تحصل على 6 مقاعد بينما تحصل الثانية على 4)، أما بالنسبة إلى الفائزين من كل لائحة فإن هذه العملية ستكون مرتبطة بالصوت التفضيلي.

في المحصلة، هذه هي النقاط التي لا تزال تمنع ولادة قانون ​الإنتخابات النيابية​ بعد الإتفاق على المبادىء العامة، لكن هل تنجح القوى السياسية في تجاوزها في وقت قريب؟