رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن "هناك يدا خفية تحمي لبنان، ونشكر العناية الالاهية التي حمت ولا تزال تحمي لبنان، ففي كل مرة نصل الى شفير الهاوية نجد يدا خفية تنقذنا. كما نشكر الله أن أزمة يوم أمس انجلت"، مهنئا رئيس الجمهورية ميشال عون على المبادرة التي قام بها ورئيس مجلس النواب نبيه بري على تجاوبه مع هذه المبادرة، مذكرا أنه اتصل بالرئيس عون مهنئاً وشاكراً لانه انقذ الوضع بالامس، "كما اتصلت بالرئيس بري شاكراً تجاوبه السريع على قرار الرئيس عون وقلت لبري أنا أهنأك على حكمتك وحنكتك".
ولفت الراعي في حديث تلفزيوني الى "أننا اليوم بذكرى 13 نيسان نتذكر كل من مات في الحروب والنزاعات وكنا نتمنى لو بنى أهل السياسة لبنان الجديد. كما نشكر الله ان لبنان بقي والشعب محافظ على كيانه ووجوده رغم الازمات الكبيرة"، مشددا على أن "لا شيء يمنع قيام الدولة الا ان يكون هناك ولاء للدولة وللامة اللبنانية وولاء للجمهورية".
وأعرب عن أسفه لأن "ولاء اللبنانيين كل في مكان ومعظمهم ولائهم لأنفسهم، ولم نقم بخطوة الى الأمام ولكن يجب القيام بها ويجب أن تأتي وجوه جديدة الى السلطة، خصوصا أن لبنان على الحضيض وبحاجة الى رجالات متجريدن ولديهم شجاعة للبناء من أجل قيام لبنان الجديد بدءا من قانون انتخاب يفسح المجال أمام الوجوه الجديدة، وأن لا يكون كل شيء بالوراثة"، مشددا على "أننا نعيش أزمة سياسية كبيرة، ثلث الشعب فقير والهجرة تخسرنا كل شيء، والنزوح على ارضنا وحجمه امر غير مقبول".
وعن قانون الانتخاب، أوضح الراعي "أننا كبطريركية نقول دائما الشأن التقني بالعمل السياسي بما فيه القانون الانتخابي ليس عملنا، نريد قانون يشعر فيه المواطن أن صوته له قيمة، فالدستور يقول الشعب مصدر السلطات ويمارسها بواسطة المؤسسات وعلى رأسها المجلس النيابي، وحق الشعب أن يسائل ويحاسب النائب"، مشددا على "أننا ضد الاقصاء والالغاء واحتكار السلطة، نريد قانونا يفتح المجال لكل الشخصيات والمواطنين للتشرح، أما قوانين تحتكر وتقصي لا يمكن أن نمشي فيها".
ورأى أن "المسيحيين يبحثون عن قانون يرد لهم دورهم وهذا حقهم والبقية كل واحد له حساباته، فمثلا الدروز يريدون الحفاظ على خصوصيتهم في الشوف"، مؤكدا "أننا بحاجة الى قانون يحفظ ويحافظ على الجميع في اطار الجمهورية"، داعيا الى "عدم القاء اللوم على المسيحيين، فالجميع يبحث عن قانون على قياسه".
وأعرب الراعي عن خشيته من أن "لا نصل الى قانون انتخابي جديد هذا الشهر ولكننا نتأمل ونصلي، ونرسل نداء الى كل القوى السياسية والنيابية والوزارية، بأنه لا يجوز أن يمر هذا الشهر دون الوصول الى قانون"، معلنا "أننا لا يمكن أن نقبل بالتمديد. التمديد يعني أنت موكل وأن تقوم بتجديد الوكالة دون الرجوع الى الموكل ذلك يعني اغتصاب السلطة".
وأضاف: "اغتصبتم السلطة عام 2013 أول مرة ومنعتم المجلس الدستوري من النظر بالطعن، عام 2014 مددتم مرة أخرى دون أي شعور بالمسؤولية والمجلس الدستور جاوب على الطعن وقال عنه مخالفات في الدستور والانظمة الدولية والمحلية. الان نمدد مرة جديدة دون سبب ونقول ظروف استئنائية؟"، معتبرا أن "التمديد بسبب عدم الاتفاق على قانون ليس ظروف استثنائي بل جرم".
وأعلن الراعي "أننا مع التمديد التقني اذا حصل توافق على قانون جديد، أنا اذا حصل تمديد سأستشير المطارنة وسنأخذ موقفا"، مشيرا الى "أننا دولة عمرها 97 سنة، ولدينا قانون والقوانين تلغى بقوانين أخرى، أي من الطبيعي أن قانون الستين نافذ، فلماذا التمديد والقيام بمشكلة؟".
وشدد على "أننا نريد نواباً أحراراً يبدون برأيهم وليس نواباً يمثلون رؤساء كتلهم"، متسائلا: "ما قيمة كل هذا العدد من النواب ان لم يتكلموا باسم الشعب ليس باسم رؤساء كتلهم"، معتبرا أن "كل شيء معرقل في لبنان ولكن هناك من يفرض على كل من يريد الاستثمار أو تحسين الواقع في البلد".
ورأى الراعي أن "تدخل السياسيين خرب الادارة في لبنان، والبلد لن يمشي اذا استمر تدخل السياسة في كل شيء"، مضيفا: "أفرح بوجود كل اللبنانيين في الادارات، فلبنان بلد طير بجناحين مسلم ومسيحي، ويجب أن يتواجد الجناحين في ادارات الدولة، ونريد ان يكون الولاء للوطن وليس للزعيم الذي وظّف هذا او ذاك".
وأشار الى أن "هناك من يأتي جائعاً الى الإدارة لنهش البلد وهذه المبادئ يجب تغييرها من خلال التربية فهذا اللبنان لا يبنى الا بذهنية نظيفة بعيدة من سرقة الدولة والفساد"، مشددا على "أننا نريد أناس ليسوا جائعون لحكم البلد".
كما أعرب الراعي عن تعاطفه مع "كل الشباب الذين ينزلون الى الشارع للتعبير عن رأيهم وأتمنى أن تُسمع أقوالهم ومطالبهم"، لافتا الى أن " النزول الى الشارع حق مكرّس عالمياً ولكنه أحياناً يتحوّل إلى أمر غير ديمقراطي".
وأعلن أن "العهد الجديد لم يخذلنا حتى الساعة، واولوية الرئيس عون التي عبّر عنها مكافحة الفساد هي اولوية كل الناس والمطلوب أن يتعاون الكل مع الرئيس اليوم"، مشيرا الى أنه "يجب على الرئيس ان يكون متجردّاً وسيّد نفسه ومتجرّداً ممّن هم حواليه".
واعتبر الراعي أن "هناك سيف ذو حدّين بأن يكون للرئيس أشخاص حوله وأن يكون رئيس لكل الناس بالوقت نفسه. أنا لا مصلحة لي أن يكون هناك مطارنة يقولون لي "نعم" بل يهمني أن نتخذ قراراتنا بشكل يناسب الجميع ويتماشى مع موقفهم"، مؤكدا أن "مهمة الرئيس صعبة لأن لبنان قائم على ومحسوبيات وحسابات".
وأكد أن "الرئيس قوي اذا الكل دعمه واذا وضعنا عصي بالدواليب لا يمكن للبلد أن يمشي"، وعن محاولته لجمع الرئيس عون ورئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية قال: "وجدت صعوبة من الجهتين فاوقفت المساعي لجمعهما و اترك الامور للوقت لكي يدمل جرح العلاقة بينهما والوقت كفيل بحل الامور".
وعن ما قاله في تصريح سابق عن "حزب الله"، أوضح الراعي أنه قال أن "حزب الله ليس ميليشيا هو حزب سياسي ولكن يحمل السلاح وهذا ما يخلق الاشكال"، مشددا على أنه "تم تحوير كلامي حول "حزب الله" ومسألة السلاح والذهاب الى سوريا".
وذكر أن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "قال انهم ذهبوا الى سوريا دون استئذان احد وهذا ما كررناه وشددنا على ان السلاح يقسم البلد وتكلمت بموضوعية حول الموضوع"، مؤكدا أنه "لست نادماً على أي شيء وقلت الحقيقة الموضوعية لما فيه خير للجميع. ونحن نحب الجميع ولجنة الحوار قائمة بين بكركي وحزب الله".
وعن موضوع النزوح السوري قال: "لا اقارب موضوع النزوح السوري من باب اعداد الولادات واحترم الحياة البشرية التي تولد في هذا السياق، ولكن لا يجوز استمرار وضع النزوح السوري في لبنان على ما هو عليه لانه يضرّ بلبنان اقتصادياً واجتماعياً"، مذكرا أن "اخوتنا السوريين يتقاضون أقل من اللبنانيين لقاء العمل ويخلقون حرفاً صغيرة مقابل عمل اللبناني الذي هو على شفير الافلاس وثلث الشعب اللبناني تحت خط الفقر يضاف الى الموضوع مسألة النزوح والعمالة السورية".
وأشار الى أن "الوجود الفلسطيني في لبنان كان من اسباب الحرب الاهلية التي بدأت والخوف يمتد اليوم مع مسألة النزوح السوري"، كاشفا أنه "لدينا معلومات أن بعض العناصر الارهابية بدأت تتسلل الى المخيمات السورية ويجب ان يتم اخذ الحذر من هذا الموضوع",
وطالب الراعي أن "يكون للنازحين السوريين مكان للعيش في سوريا وان تعطي الاسرة الدولية لهؤلاء ارضاً لهم للاهتمام بهم على ارضهم"، مؤكدا "أننا انسانياً مع الشعب السوري النازح ولكن على المجتمع الدولي الذي يحرّض على الحرب في سوريا ان يعالج هذه المسألة".
وشدد على أنه "اذا كان لبنان انسانياً مع السوريين فلا يجب استغلال الامر من قبل المجتمع الدولي وليتحملّوا المسؤولية لعودتهم بشكل كريم الى بلدهم"، متسائلا: "ماذا يتبقى من حضارتنا اذا خسرنا كل شعبنا وهاجر كل شبابنا ؟".
من جهة أخرى، اشار الراعي الى أنه لن يتمكن من "الذهاب الى مصر لمواكبة زيارة البابا فرنسيسبسبب ارتباطي بنشاطات دينية وراعوية في لبنان"، مذكرا أنه "في سوريا لدينا 3 ابرشيات ولا يجب ان ننساها وانا زرتهم في دمشق وهذا واجبي والكل استفاد من زيارتنا الى سوريا".
وعن اللبنانيين المبعدين، أكد "اننا حاولنا كثيراً مع المطران بولس صياح من اجل متابعة قضية اللبنانيين المبعدين الى اسرائيل"، مشددا على أن "موضوع المسيحيين في الاراضي المحتلة هو ملف سياسي ونتمنى عودتهم الى حضن الوطن وأنا اقترحت مع الرئيس عون متابعة ملف اللبنانيين المبعدين الى اسرائيل".
وعن التفجيرين الذين وقعا في كنيسة مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، اعتبر الراعي أن "من سقطوا في مصر هم شهداء الكنيسة لانهم استشهدوا في الكنيسة على مذبح الصلاة"، مؤكداً "أننا نقف مع الشهداء في مصر وقفة اجتماعية ودينية وروحية ونصلّي من أجلهم ونحن نصمد بقوة ايماننا".
وأكد أن "المطلوب الصمود ونحن سنقوم بواجباتنا تجاه مصر والأقباط"، مشيراً إلى أن "الدول الكبيرة تدعم تنظيم "داعش" الارهابي شرقاً وغرباً وتعطيهم المال والسلاح وتستعملهم لمآرب خاصة"، معتبراً أن "الحروب القائمة في المنطقة ليست من اجل الديمقراطية كما يدعون"، لافتاً إلى أن "هناك من هو أخطر من "داعش" وهو من يقف خلف "داعش".
واعتبر أنه "لشيخ الازهر دور كبير بطرح مواضيع جديدة مثل الحريات والتنوع والتكامل والمواطنة والتعددية وهذه من ثقافتنا المسيحية ايضاً".
من ناحية أخرى، لفت الراعي إلى "اننا نشكر الله ان الخميرة المسيحية موجودة لدى كثر اليوم"، مؤكداً "أنني لا ابحث عن كيف اتميّز بل على الواجب الذي يجب ان اقوم به".
وشدد على أنه "علينا الحفاظ على القيم المارونية العادات والتقاليد المسيحية"، مشيراً إلى أن "المسيح فدانا واعطانا الحياة وعلمنا حضارة المحبة"، مؤكداً "أننا اقوياء بمحبة المسيح وكل عيد وانتم بخير".