لفت بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم فرام الثاني، إلى أنّ "المسيح قام والشرق ينزف. المسيح قام وشعبنا وناسنا من كلّ الأطياف يدفعون ثمن المصالح من أرواحهم. المسيح قام وأخوانا مطرانا حلب بولس ويوحنا في الغياب. يمرّ علينا ​عيد الفصح​ هذا العام قريباً من اليوم الّذي خُطفا فيه، وهو الثاني والعشرون من نيسان. ولعلّ الذكرى الرابعة هذا العام لأنسب ما تكون، لنرفع فيها صوتنا من جديد ونضع في مسامع مؤمنينا وفي مسامع العالم أجمع صوت ألمنا في كنيسة أنطاكية وصوت المتعبين في هذا الشرق".

ونوّها في رسالة الفصح، إلى "أنّنا مصلوبون في هذا الشرق وإليه بما يتعرّض له من محن. والعالم ينظر صليب شقائنا ويكتفي بالترثّي. لكن ومع هذا كلّه، إنّ قوّة في هذه الدنيا لن تنتزعنا من أرضنا لأنّنا أبناء الصليب وأبناء القيامة في آن. هُجّرنا على مرّ التاريخ ونُهجّر إلى يومنا هذا، لكن كلّاً منّا مدعو لأن يتذكّر أنّ أرض المسيح لن تفرغ من أحبّته وممن تسمّوا بإسمه قبل ألفي عام" مشيرين إلى أنّ "إذا كان المقصود من خطف المطرانين والكهنة صفعة تحدّ لوجودنا المسيحي المشرقي أو التواطؤ من أحد لإفراغ هذه الأرض، فجوابنا واضح وحتّى بعد أربع سنوات من الخطف وستّ سنوات من الأزمة. نحن باقون هنا بجوار قبور آبائنا وبجوار ترابهم الطاهر وضاربون جذورنا في رحم هذا الشرق، ولن نترك أرضنا وسنزود عنها بدمائنا وأرواحنا".

وأكّدا أنّ "بسلام المسيح "لا تخافوا أنا معكم طول الأيام"، نذكّر أنفسنا ونذكّر أبناءنا والعالم أجمع أنّ الحضور المسيحي المنفتح في هذا الشرق هو أكثر من مجرد وجود وأقرب إلى هوية وأسمى من مجرد تفاخر. دعوتنا اليوم أن نضع في أذهان العالم، منظّمات ودولاً وحكومات وجمعيّات وسفارات، صرخة حقّ" مشدّدين على "أنّنا نريد أن نعيش في هذا الشرق بوئام وسلام مع كلّ الأطياف. نحن لا نحتاج ترثيّاً ولا استنكارات بقدر ما نحتاج إرادة جادّة وصادقة من جميع الأفرقاء بالرغبة في إحلال السلام في أرضنا. إنّ أرواح أهلنا وناسنا ليست أبخس من أرواح أحد. لقد خُطف المطرانان ​بولس يازجي​ و​يوحنا ابراهيم​ ولم يحرّك أحد ساكناً بأكثر من بيان إستنكار أو وعود لم تفض لشيء إلى هذه اللّحظة"، معلنين "أنّنا نثمّن ونقدّر عمل وحمية البعض بكلّ ما أوتوا من قوّة من أجل هذا الملف ولكن الحقّ يجب أن يقال. كنّا ولا زلنا ننتظر أكثر من ذلك وخاصّة من أولئك الّذين امتلكوا سلطان الحلّ والربط دوليّاً وإقليميّاً. نحن لا نضع هذا إلّا برسم العالم المتمدّن والّذي أناخ كاهلنا بالحديث عن ديمقراطيّات وإصلاحات، في حين أنّ إنساننا المشرقي راح يعدم رغيف الخبز وكلّ سبل العيش ويقاسي غلاء المعيشة والحصار الخانق الّذي يطال بالدرجة الأولى لقمة عيش البائسين".

وشدّدا على أنّ "هنالك حرب فُرضت علينا كسوريين وهناك تبعات لهذه الحرب قاسينا ويلاتها كلبنانيّين. وهناك أثمان ندفعها كمشرقيّين من كلّ ​الشرق الأوسط​ كإرتدادات لكلّ الحروب والرهانات على أرضه. نداؤنا اليوم وقفة تأمّل من الكلّ اتجاه ما يجري وصرخة "كفى" في وجه من يغذّي ديارنا بالإرهاب والتكفير والتطرّف الأعمى. نداؤنا اليوم صرخة "كفى" في وجه من يموّل إرهاباً تعامى كثيرون قبلاً عن وجوده وتسابقوا فيما بعد لمحاربته أو لإدعاء محاربته".

وأشاروا إلى أنّ "في موسم الفصح المقدّس، صلاتنا إلى الرب القائم أن يزيح الحجر عن قلوبنا ويكسر بحربته حراب هذه الدنيا. وفي هذه الأيام القيامية، نصلّي ومن جديد من أجل أخوينا المخطوفين ونكرّر دعوتنا بوجوب إطلاقهما وإغلاق هذا الملف. لقد طرقنا أبواب السفارات ولم نوفّر منبراً لا دوليّاً ولا إقليميّاً لعرض الأزمة في سوريا ولشرح تداعياتها بما فيها الخطف والتهجير على إنساننا وعلى العالم أجمع. وطرحنا وبشكل خاصّ قضيّة المطرانين. ومن هنا وفي هذه المناسبة، نهيب بالجميع داخليّاً وخارجيّاً ضرورة العمل الجاد لإطلاق مطراني حلب وإنهاء هذا الملف العالق بين غياهب النسيان الدوليّة والحاضر دوماً وأبداً في نفوسنا ونفوس أبنائنا مسيحيّي ومسلمي هذه الديار وفي نفوس كلّ ذوي النيّات الحسنة".

وأعلنا أنّ "في يوم الفصح الّذي يعني العبور، صلاة حارّة إلى رب الملائكة أن يهب السلام لبلادنا ولعالمه أجمع. صلاة حارّة من أجل المخطوفين، كلّ المخطوفين. صلاة من أجل المهجّر والمشرّد والمحزون والبائس والفقير. صلاة من القلب كي يرسل الرب القائم روح سلامه الحقّ، فيسكت كلّ أصوات الفتن والقلاقل في الشرق الأوسط والعالم أجمع. وفي قيامة المسيح عهد ممّن تكنّوا بإسمه، من مسيحيّي أرض كنيسة أنطاكية أن يذكروا دوماً أنّ درب القيامة ابتدأ بالصليب وتُوّج بسطيع القبر الفارغ. نحن على مثال السيد لا نهاب الموت ولا نهاب الشدّة بل نصلّي في ضعفاتنا، كما صلّى ربنا يسوع المسيح، أن تعبر عنّا كأس الآلام والمحن".