يغرق العرب ويغرق معهم اللبنانيون في إنقسام حاد بين المرشحين الرئاسيين الفرنسيين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، ويتبارى كل منهم في دعم وجهة نظره في تأييد هذا أو هذه وفي معارضة هذه أو هذا.

والأرجح أنّ معظم المتحمسين له أو لها لا يعرفون في معظمهم، شيئاً جدّياً عن حيثية كلا المرشحين اللذين استقرّ عليهما قرار الشعب الفرنسي ليكون أحدهما رئيساً بعد أربعة أيام أي في مساء يوم الأحد المقبل بعد إقفال صناديق الإقتراع في نهاية المرحلة الثانية من الإنتخابات الرئاسية التي إنتهت المرحلة الأولى منها «التأهيلية» بتقدم هذين المرشحين، وإن بأكثرية ضئيلة لكل منهما.

بالنسبة الى المسلمين الفرنسيين لاشك في أنّ مارين لوبان أكثر صراحة (والبعض يقول: وقاحة) من مانويل ماكرون، لأنها، كما تقول: «أنا لا أساير... بينما هو يسايرهم» (أي إن منافسها يساير المسلمين).

وفي هذه النقطة هي واضحة جداً في موقفها من المسلمين والمهاجرين الذي يمكن وصفه بـ«العدائي» فهي صرّحت في مهرجان كبير لمؤيديها بأنها وحدها القادرة على حمايتهم من «التطرف الإسلامي» والعولمة أيضاً في حال وصولها للرئاسة يوم الأحد المقبل. وبلغ بها الأمر حدّ الإعتراض على صلاة المسلمين في الشارع متعهدة بمنعها إذا فازت ملوحة بالعقاب القاسي للمخالفين. وهي عندما تطالب بإلزام جميع مزدوجي الجنسية بأن يتخلوا عن احداهما الجنسية الفرنسية أو «الغريبة» فإنها طبعاً بهذا القرار تقصد من دون أدنى شك ملايين الفرنسيين المسلمين الذين يحملون جنسيات أخرى وفي طليعتهم (وأكثريتهم) الذين هم من أصول شمال افريقية وبالذات المغاربة والتوانسة والجزائريون، وفي هذا السياق يمكن قراءة موقفها المعارض بشدة للهجرة والملتزم بالحد منها... وتعزف على الوتر الحساس عندما تقول إن المواطنين الفرنسيين باتوا واثقين من أنّ هويتهم وسيادتهم باتتا منتقصتين، بل ربما تسلبان منهم.

أما ماكرون فيساير (فعلاً) المسلمين وهو يريد أن يحظى بدعم هذه الشريحة المؤثرة في الإنتخابات، لذلك هو يتحدث عن أخطاء ارتكبتها فرنسا وعن عدم عدالة باستهداف فرنسا في بعض المراحل الزمنية المسلمين ويذكّر تحديداً بتاريخ فرنسا في الجزائر الذي كان «جريمة ضد الإنسانية» ويدعو الى الإعتذار من الذين تضرروا من تلك الممارسات ولو بعد نحو ستة عقود على ذلك القرار التاريخي الذي إتخذه الكبير شارل ديغول فانتشل فرنسا من المستنقع الجزائري معرّضاً حياته للخطر مراراً وتكراراً.

أمّا بالنسبة الى إسرائيل فالمرشحان يتسابقان الى خطب ودّها بلا حدود. وأما بالنسبة الى سوريا فالمرشحة تؤيد بقاء الأسد أما المرشح فيقول برحيله.

وفي تقديرنا أن أي رهان عربي على أحد المرشحين سيكون خاسراً كائناً من يكون الرابح بعد أربعة أيام... وآن للعرب أن يتعلموا من رهاناتهم الخارجية مثال الرهان على ترامب أو كلينتون... وحتى الرهان على هذا أو ذاك في إنتخابات الصهاينة في فلسطين المحتلة... وهي رهانات تشبه الذي يراهن على الريح فيحصد العاصفة.