كل شيء كان متوقعاً لدى وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​، إلا أن يقف رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ضدّه مسانداً الوزير ​طارق الخطيب​ المحسوب على رئيس الجمهورية. فما الذي حصل في جلسة الأمس لمجلس الوزراء؟ لماذا دار سجال عنيف بين المشنوق والخطيب؟ وما الذي دفع الحريري الى الوقوف مع الخطيب ضد المشنوق علماً أن الأخير هو من أقرب المقرّبين داخل تيار المستقبل الى رئيسه سعد الحريري ويعتبر من الحلقة الضيقة للـ"الشيخ سعد"؟

في التفاصيل، تسرد الرواية الوزارية ما حصل على الشكل التالي: في الخامس من أيار الجاري، ترأس رئيس الحكومة إجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف الكسّارات والمرامل، وذلك بعدما شلّ أصحاب الشاحنات البلد بإعتصاماتهم المتكررة على الطرقات، وفي الإجتماع تقرر السماح للكسارات والمرامل المرخصة بالعمل، ولتلك غير المرخصة بنقل ما أنتجته قبل القرار، وبتقديم الأوراق والمستندات المطلوبة لقوننتها خلال مدة شهر وإلا سيتم إقفالها نهائياً. قرار اللجنة الوزارية لم يمرّ عليه الكثير حتى عُطّلت مفاعليه بتعميم أصدره وزير الداخلية والبلديات، وفيه إشترط على الكسارات والمرامل التي تريد نقل ناتجها، أن يكون الأخير خارج موقع الكسارة أو المرملة، وفي مخزن أو مستودع مرخّص. تعميم المشنوق، لم ير فيه وزير البيئة إلا تعطيلاً لمقررات اللجنة الوزارية، لذلك أبدى الخطيب إعتراضاً شديد اللهجة على تعميم المشنوق في جلسة الأمس التي عقدت في السراي، الأمر الذي دفع المشنوق الى الردّ بعنف للدفاع عن قانونية تعميمه، عندها إتهمه وزير البيئة بالإستنسابية في التعامل مع الكسّارات والمرامل، ما دفع رئيس الحكومة الى التدخل بسرعة، والى إعطاء الحق للخطيب بما قاله، والتشديد على أن صلاحية تنظيم عمل الكسارات والمرامل تعود الى وزارة البيئة عبر المجلس الوطني للكسارات والمرامل، وان دور وزارة الداخلية يقتصر فقط على المؤازرة الأمنية والتدخل عند طلب وزارة البيئة. وقوف الحريري الى جانب الخطيب، أثمر تجميد تعميم المشنوق، وأعاد إحياء مقررات اللجنة الوزارية، في خطوة لم يكن يتوقعها وزير الداخلية ولو للحظة.

إذاً مرة أخرى يؤكد الحريري أمام مجلس الوزراء أن تفاهمه مع رئيس الجمهورية ثابت وليس من السهل أن يتزحزح حتى لو تطلب هذا الثبات منه التصدي لأحد وزرائه، وعندما يكون الوزير حزبياً كالمشنوق، يأتي وقع موقف الحريري الى جانب العهد ورئيس الجمهورية أقوى من أي شيء آخر، وهي رسالة يعمد الحريري على إيصالها لكل مكونات الحكومة، ومن هذا المنطلق جاء إنتقاده لحملة وزراء القوات والوزير ميشال فرعون ضد مناقصة بواخر توليد الطاقة والوزير سيزار أبي خليل، مشدداً على أن أي خلاف أو سجال يجب أن يحلّ على طاولة مجلس الوزراء لا في الإعلام وعبر المنابر.

العهد والحكومة خط أحمر ومن يخربط سأتصدى له شخصياً، هي الرسالة التي مرّرها الحريري للوزير المشنوق كي يسمعها جميع الوزراء على الطاولة.