في ظل الانتشار الكبير لظاهرة الخيانة الزوجية بالمجتمع، أصبحت خطوة الزواج لدى الشباب من الهواجس التي تتطلب جرأة ووعياً ونضجاً ودراسة حثيثة للشريك قبل الاقدام عليها، لكن كثيراً من العلاقات اليوم تفتقد لهذه الصفات خلال مرحلة انتقاء الشريك، الامر الذي يؤدي الى تفاقم المشاكل مع مرور الزمن، وفي كثير من الاحيان، تؤدي الى ارتكاب فعل الخيانة، فهل لدى الشباب المقبلين على خطوة الزواج اليوم، الوعي الكافي للعوامل الدافعة للخيانة والوصول الى علاقة زوجية صحية؟

"من اهم المعايير التي يجب ان يعرفها الشريكان قبل اتخاذ قرار الزواج، ان الحياة الزوجية هي كفاح ونضج دائمين"، تشدد الاخصائية في علم النفس العيادي والعلاج الزوجي الدكتورة تغريد حيدر"، وتشير الى انه "على الشريكين ان يقدما على خطوة الزواج لانه تم اختيار الشخص المناسب وليس لانه حان وقت الزواج".

نسيم وميساء، ثنائي يعيش الاختلاف بأبهى تجلياته، الاختلاف الديني، الذي غالباً ما يكون عائقاً اجتماعياً وحديثاً على الكثير من الألسنة. قرر هذا الثنائي كسر الحاجز الديني الاجتماعي، والدخول في غمار علاقة عاطفية جدية مبنية على الوفاق والتفاهم والطموح في الارتقاء بالعلاقة الى الزواج الناجح. يلفت نسيم بدوره الى انه "على الشريكين ان ينظرا الى الحياة من المنظار ذاته، وكي تنجح العلاقة الزوجية بينهما يجب ان تكون نظرتهما الى الحياة موحدة ومتشابهة"، معتبراً ان "العوامل اتي تؤدي الى خيانة احد الشريكين للاخر تبدأ بعدم الاهتمام بالشريك او باهتماماته وعدم احترامه او الاخذ برأيه"، مشدداً على ضرورة "العمل الدائم على تجديد العلاقة من ناحية الحب والامور الحياتية اليومية كي تبقى العلاقة صحية ومستقرة".

وتقول شريكة مستقبله الزوجي ميساء، أنه "في حال تعرضت للخيانة من قبل نسيم يجب ان اجلس معه واحاوره كي ارى ما السبب الذي جعله يقترف هذا الفعل في حقي"، معتبرة انه "من سخرية القدر، ان المجتمعات العربية وفي العديد من الحالات لا تغفر خيانة الزوجة باعتبارها سقطة قاتلة لا تغتفر، بينما تتعامل مع خيانة الزوج على أنها نزوة عابرة يمكن غفرانها وتخطيها".

اما شارل ونيلي، ثنائي منسجم يحمل في جعبته خبرة لا يستهان بها في العلاقات العاطفية. ينوه شارل ان معيار انتقائه لشريكة حياته هوالانسجام والاحترام والتشابه الكبير بينهما بنمط الحياة وحبها والخبرة في التعاطي مع العلاقة"، ويفصح عن ردة فعله اذا ما تعرض للخيانة يوماً ما، قائلاً: "اذا خانتني زوجتي يمكن ان اضع اللوم على نفسي لان تقصيري في مكان ما أدى بها الى اتخاذ قرار الخيانة"، في حين تعتبر نيلي ان "الخيانة في مفهومي هو الانفصال النفسي عن الشريك لكن الشيء الذي يجعلني انفصل عن شارل هو خيانته لي فقط لا غير، ولا ارى سبباً آخر يستأهل انهاء العلاقة اكثر من الخيانة"، مؤكدة انه "اذا كانت المرأة الواحدة لا تشبعه وتشبع حاجاته ورغباته، فهو يستطيع ان يخرج من حياتي ويأخذ كل وقته، وعندما يشعر انه جاهز للارتباط بشخص واحد، فليأتي إليّ".

وبالعودة الى اخصائية العلاج الزوجي تغريد حيدر، فهي تلفت الى ان "الخيانة الزوجية هي نقد اتفاق والتزام بين الشريكين يؤدي الى انفصالهما او الى اثار نفسية اجتماعية كبيرة على الاسرة"، وعن الاجراءات التي يجب ان تتخذ بحال التعرض للخيانة لتصويب العلاقة الزوجية بالاتجاه الصحيح، تؤكد ان "الحوار بين الزوجين هو من اهم الحلول، اضافة الى اللجوء لمختصين للبوح والتخفيف من وطأة المشكلة وايجاد حلول علمية منطقية، وعندما يشعر احد الشريكين ان الاخر يبعد ويتغيّر وينفر، يجب ان يسأل عن الخلل ويعالج الامر فوراً".

اذاً، التفاهم، النظرة الموحدة للحياة، والاحترام المتبادل، هي حجر الاساس لعلاقة زوجية صحية وسليمة، فمهما بلغت مثالية العلاقة، لن تكون خالية من المشاكل والرتابة والفتور، ويبقى تحكيم العقل والحوار واللجوء الى مختصين هي الحلول الانسب لتصويب العلاقة الزوجية بالاتجاه الصحيح، أما الخيانة ومهما تعددت التبريرات الواهية، هي نوع من انواع الهروب من الواقع.