أوضح مطران حلب جان كليمانت جنبارت، والذي عينه البابا فرنسيس قيماً على الطائفة الكاثوليكية بعد استقالة البطريرك ​غريغوريوس لحام الثالث​، أن "البطريرك لحام تعهد الكثير من المشاريع. وبطبيعة الحال عندما نعمل كثيراً قد نتعرض للخطأ احياناً او ارتكاب بعض الاخطاء. وحدهم الذين لا يعملون لا يرتكبون الخطأ ابداً. قد يكون تلقى نصائح فيها القليل من الحكمة هي التي ادت الى هذه المشاكل"، لافتاً إلى أن "رجلاً عمل طوال سبعة عشر عاماً بحماسة واخلاص في خدمة الكنيسة وحقق الكثير من الانجازات ولكن الاخطاء الصغيرة التي ظهرت في السنوات الاخيرةادت الى عدد من الانتقادات".

وفي أول مقابلة له أجرتها معه صحيفة "le magazine"، لفت كليمانتجنبارت إلى أن "هذه الأحداث أدت إلى "تسمم الوضع وكثرت ردات الفعل. وكان ممكناً ان يؤدي حوار لو حصل الى تسوية، ولكن للاسف لم يحصل. لقد وجد الاساقفة انفسهم في وضع لا يمكنهم ان يعبروا عن استيائهم. فقام البعض بتقديم استقالته. لا استطيع ان احكم على هذا التصرف ان كان جيداً او سيئاً ولكنه حصل".

وأكد كليمانتجنبارت أن "البطريرك لحام ليس سيئاً بالقدر الذي اتهم به. حصلت بعض الاخطاء التي قد لا تنسب الى غبطته بل الى مستشاريه، خصوصاً في قطاع العقارات. وكما يظهر حصل العديد من بيع الاراضي العائدة للكنيسة بهدف اكمال انجازات مشاريع اخرى، مشيراً إلى أن "الفاتيكان لم يتدخل مباشرة بهذه القضية حتى بعد طلب عدد من الاساقفة الاجتماع مع البطريرك لحام لايجاد حل ودي. لقد اعادهم الكرسي الرسولي الى السينودس ولكنه قبل بان يكون عراب ايجاد حل. كان يمكن ان يكون الوضع اسهل لو ان الاستقالة التي قدمت الى الفاتيكان منذ سنتين قبلت في حينه. ولكن بناء على تصريحات غير صادقة في وسائل الاعلام، سحب البطريرك استقالته"، معتبرا أن "المشكلة كانت في اعادة احياء هذه الاستقالة. حاولنا ايجاد مخرج مشرف وقبل البطريرك بوضع استقالته بين يدي البابا. ورغب البطريرك ان تتم هذه الاستقالة في عيد ميلاده في كانون الاول ولكن لم يذكر ذلك في كتاب الاستقالة. قبل الفاتيكان الاستقالة في ايار على ان تتم قبل السينودوس المعلن عنه سابقاً والذي سيعقد من 19 الى 23 حزيران. وسيكون هذا السينودوس مخصصاً فقط للانتخابات".

وحول الظروف التي سيعقد فيه السينودوس، أوضح أن "هذا السينودوس سيعقد في ظروف هادئة ولكن بعض التصريحات في الصحافة هي التي تقلقني لانه يجري الحديث عن تجمعات ومثل هذه التصريحات تخلق الضغوطات. وانا قلق لان في ذلك اساءة الى اساقفتنا والى طائفتنا ان تنسب اليهم هذه العقلية. ان كل مطران عين في ظروف شرق اوسطية سيئة ويجب اختيار اسقف يتمتع بالصفات الاساسية والكاريسما اللازمة في هذه الفترة العصيبة من تاريخنا. انها قضية حياة او موت في هذه اللحظة بالذات في مواجهة هذا النزف. والهجرة والحروب التي تدمرنا في سوريا وفي فلسطين والعراق ولبنان في مواجهة هذا النزوح. من المهم ان نجد شخصاً يمكنه ان يجمع. يجب ان ينسى الاساقفة انتماءهم الى نظام او مجموعة ويتذكروا بانهم ملك الكنيسة الملكية والكنيسة الشرق اوسطية. وهذا لا يمكن ان يكون الا في صالح الجميع. والخطر هو في ان يكون البطريرك متحدراً من مجموعة يعطي اكثر من قلبه ووقته لهذه المجموعة التي دعمته واوصلته. انها اهانة لنا نحن الاساقفة ان نفكر باننا قادرون على الوصول الى ذلك".

وردا على سؤال حول الصفات المثلى للبطريرك القادم، أشار إلى أنه "لا قيمة لدور اي رهبنة ينتسب اليها، يجب ان ينتخب بمعزل عن الرهبنة وعن انتمائه وان يستطيع ادارة هذا الوضع الدقيق. يجب ان يتم اختياره وفقاً لمؤهلاته"، نافياً حدوث شد حبال بين الأساقفة السوريين واللبنانيين، ومضيفاً "انا سوري ولبناني والمهم هي الكنيسة. ولدت في سوريا ولكنني كرست حياتي لخدمة الكنيسة وليس لسوريا. يجب ان يكون البطريرك الجديد مكرساً نفسه كلياً للكنيسة الملكية ويخصص لها الكثير من الحب لملاقاة الاخرين. ويجب ان يكون مخلصاِ لكنيسته والاهم مسيحيو الشرق. نحن في مرحلة حاسمة من تاريخنا وسنكون او لا نكون. والاولوية بالنسبة الي هي مسيحيو الشرق. وعلى مسيحيي لبنان ان يكونوا اقوياء لكي يكون جميع مسيحيي الشرق الاوسط اقوياء. يجب ان يكون لبنان معقل المسيحية، وان يجد مسيحيو لبنان حقوقهم ومكانتهم لكي يتمكنوا من مساعدة كل مسيحيي الشرق الاوسط. اذا كانت الكنيسة اللبنانية قوية تكون كل كنائس المنطقة قوية. البلد مهم ولكنه لا يتقدم على كنيسته. ما يساعد المسيحيين هو الذي اقبله واقبل ما هو ومن لا يعطي حقوق المسيحي هو عدوي".

وإذ لفت إلى أن أي أسقف لم يقدم ترشيحه بعد، أكد انها "مسؤولية كبرى ومهمة بحيث لا يكون عاقلاً من يسعى وراءها. لا اقدم نفسي كمرشح لانه حمل ثقيل جداً ويجب الانحناء له كلياً. هناك الكثير من المشاكل ومن المسؤوليات ويجب التخلي عن كل شيء ويكرس نفسه كلياً لهذا العمل ولكن اذا انتخبت بالطبع لا يمكنني ان ارفض. لان ذلك يكون خيانة للمسيح وتنكراً لمسؤولياتي".

وعن تاريخه الكنسي، أشار إلى "انني عملت على مدى ثماني عشرة سنة في لبنان قبل ان اصبح مطراناً على حلب عشت وتقاسمت آلام الحرب مع اللبنانيين. كنت مستشار البطريرك حكيم في كل ما يتعلق بالانماءوالعلاقات الدولية. قمت بامور كثيرة خلال الحرب. استقبلت لاجئي البقاع ومغدوشة ورأس بعلبك وعملت من اجل انماء القرى الاقل انماء في لبنان مثل رأس بعلبك والقاع، لابقاء المواطنين على ارضهم. لبنان هو قطعة من قلبي وهذا ليس قولاً بل فعل. صحيح انني ولدت في سوريا ولكنني اخترت ان اكون لبنانياً. منذ 21 سنة وانا اعمل في حلب. ومنذ ست سنوات وكنت في السابعة والستين بدأت اعد تقاعدي وخلافتي. ثم اندلعت الحرب في سوريا. الله اراد ان اتابع. هذه الحرب سببت التعاسة لكثيرين. شمرت عن ساعدي وبدأت العمل لانني لم اكن قادراً على التوقف والناس بحاجة الي. هاتان السنتان كانتا كارثيتين. امام وضع كهذا اطلقت مشروع "خاطىء سياسياً" دعوت المؤمنين للعودة الى حلب. انه مشروع العودة اطلقته قبل اشهر ورصدت له ميزانية. واليوم هناك عدد كبير من ابناء الطائفة يفكرون بالعودة خصوصاً اولئك الذين تمركزوا في اوروبا. بالطبع الوضع اصعب بالنسبة الى المتواجدين في كندا واوستراليا. اطلقنا 22 برنامجاً للمساعدة الانسانية. واعطينا اعانات مالية لارباب العائلات العاطلين عن العمل. وهناك الف عائلة تتلقى المساعدات كل شهر و 1500 سلة غذائية شهرياً، 1200 منحة مدرسية تقدم لطلاب المدارس الكاثوليكية. ولتشجيع الانجاب طلبت تبني 120 طفلاً ابصروا النور في السنتين او الثلاث الماضية، وقدمنا للاهل نفقات المستشفى والنفقات التعليمية وراتباً شهرياً لمدة اربع سنوات. والذين يرغبون بالعودة الى حلب، نقدم لهم نفقات العودة ومنازل لسنتين او ثلاث سنوات على الاقل وندفع لهم نفقات التعليم. اطلقنا كذلك حركة تحت عنوان "ابن لتبقى" نقدم من خلاله قروضاً مجانبة لبدء حياة جديدة ونشجع على اقامة المصانع والعمال المهرة".