يدور الكلام في المطبخ الانتخابي للتيار الوطني الحر بأنه من الممكن أن يحمل قانون الانتخابات مكاسب وضمانات لصالح المسيحيين اذا ما أقر قانون 15 دائرة ، لولا هجوم ​القوات اللبنانية​، من أجل تأمين مكاسب إعلامية بارضائها رئيس مجلس النواب نبيه بري ولتقربها هذه الخطوة من حزب الله، التي طالما سعت إليها تجاهه.اذ المطلوب في هكذا مفاوضات فان الأسلوب «اللجوج» الذي يمارسه رئيس التيار الوطني الحر الوزير حبران باسيل هو الأفضل مقارنة من منطق القوات بالقبول باي رفض يأتي على مطلبهم,

فالتاريخ يعيد ذاته مع القوات اللبنانية على غرار عام 1988 حيث كان رئيس الحكومة الانتقالية يومها العماد ميشال عون، في مواجهة محاور فكان ان تعاطفت معها القوات اللبنانية يومها على حساب خياراتها، فيما يصرّرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في قوله أمام زواره بأن «دفعه» النائب جورج عدوان إلى حلبة قانون الانتخاب شكّل سدّاً أمام ارتفاع أسهم قانون الستين وبذلك عطّل العودة إلى القانون هذا، بعدما لم تحمل محاولات باسيل أي جدوى مما أفقد هذا الفريق عامل الوقت لاستصدار قانون يعطي المسيحيين تمثيلا أفضل».

كما أن ذهاب القوات اللبنانية نحو النسبية الكاملة، جاء تجاوباً مع مطلب رئيس الجمهورية ميشال عون لهذه الصيغة بعد أن كان تمسك بالمختلط والتأهيلي، وأن القوات اللبنانية هدفت بذلك إلى انقاذ المسيحيين من براثن الستين، وكذلك تعمل للحفاظ على العهد من سقوط معنوي له إذا ما اعتمد هذا القانون النافذ.

في المقابل ثمّة قناعة في الفريق السياسي المعارض للثنائي المسيحي مفادها ان الحسابات الشخصية لكل من « باسيل-جعجع» لناحية حيازتهما على نواب اضافيين والغاء الآخرين، هو الذي عقّد امكانية حصول المسيحيين على قانون انتخابي افضل من قانون الستين، ورغم أن في هذا الفريق من يقر بأن رئيس التيار الوطني الحر هو مع التعددية ويبقي الأبواب مفتوحة أمام إمكانية وصول غير قوى سياسية أسوة بالكتائب والمردة والمستقلين كل حسب حجمه التمثيلي ، فإنها تسجّل على القوات اللبنانية رغبتها بقطع الطريق على كل القوى الاخرى من خارج الثنائي عملا بمقولة جعجع «إن العمل السياسي يتطلب توسيع دائرة العمل الحزبي وكذلك تمدد حجم كتلتي القوات اللبنانية والتيار».

ولذلك فإن حسابات الثنائي المسيحي، هي التي حدت بالقوى السياسة الأخرى للاعتراض على ما يتقدم به هؤلاء بالـ«تضامن او بالمفرق» بهدف الغاء الآخرين من أحزاب أو سياسيين على صداقة او تحالف مع كل من المستقبل والثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي في موازاة رغبة هذا الثلاثي الإسلامي في الحفاظ على حضور مسيحي داخل كتله، التي لا يريد أن يتقلص عددها، في حين أصرّ حزب الله على النسبية كصيغة تؤدي إلى «خردقة» الطوائف الاخرى.

وفي منطق رفيعي المستوى في هذا الفريق فإن الثنائي المسيحي يحلم بأن يختزل كل الحيثيات السياسة المسيحية في تكتلاته وتعطيل دورها مع الأفضلية إذا أمكن لإقصائها والغائها، بحيث يردد هؤلاء هل من المعقول أن يكون نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري بما له من حضور أورتودوكسي ومناطقي عضوا في أحد تكتلات الثنائي، أو أن يذوب النائب ميشال المر بما لديه من حيثية شعبية دلّت عليها الانتخابات البلدية الماضية في اطار أي من الجهتين، وأيضا الوزير ميشال فرعون برمزيته الكاثوليكية يصبح بمثابة عضو في فريق أي من هؤلاء؟ ناهيك عن حالات سياسية عدة أسوة بآل فتوش ونعمت افرام وزياد بارود وفريد هيكل الخازن ومنصور البون وفارس سعيد وميريام سكاف وآخرين... في وقت اقصاء كل من النواب سامي جميل وسليمان فرنجية ودوري شمعون والطاشناق وما تمثل أحزابهم، ويتساءل «رفيعو» المستوى في هذا المحور عما إذا كان هذا الثنائي مقتنع فعلاً بان كل المسيحيين سيكونون بأمرة «باسيل-جعجع»؟

فمواجهة المسيحين بالمصالحة ضد انتخاب النائب سليمان فرنجية أمر لا يكفي، فقد تلاقيا سابقا ضد مخايل الضاهر ثم كان قتالهما الذي حمل نتائج وتداعيات لم تنته ذيولها حتى اليوم على المسيجيين على أكثر من صعيد، وبعيداً عن المصالحة بات واضحا بأن تفاهمهما «الهشّ»، يحمل هدفا الغائيا للآخرين على ما تدل العلاقة المكشوفة بينهما في أكثر من صعيد كالتعيينات التي حصلت والتمايز بينهما حول قانون الانتخاب.

لذلك فإن التقارب بهدف الغاء الآخرين بات واضحا في البيئة المسيحية التي باتت قلقة من هذا الآداء الهادف فقط للقضاء على التمثيل المسيحي دون أي تقديمات ظهرت منهم تجاه هذه البيئة والمجتمع وكأنهم لا يعيشون نبض الهم المعيشي اليومي وغيرها من هموم الناس، فان تكبير كتلة القوات أو التيار، ليس هو الهم المسيحي في ظل نزيف الهجرة التي يصيب هذه الفئة منذ العام 1988، ولا تدل الوقائع حتى اليوم بأن ثمةامكانية للتعويض من جانب الثنائي عما عاناه المسيحيون منذ يومها حتى حينه.

اذ في المحصلة لم يحقق الثناىي حتى اليوم مطلبا مسيحيا وجدانيا او مصيريا, وباشروا منذ اليوم المعركة الرئاسية المقبلة التي دمرت المسيحيين وستوصلهم في المدى القريب الى واقع اسوأ .