اكد بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس ​يوحنا العاشر اليازجي​ خلال احياء الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حركة الشبيبة الارثوذكسية ان "المناسبة التي تجمعنا اليوم، لا تخص من انتمى إلى حركة الشبيبة الأرثوذكسية فقط، بل تشمل كل محبي المسيح وكنيسته في أنطاكية. هي تخص كل من يعمل لكي يعمد نور الله سعيه الشخصي إلى الخلاص وسعي كنيسته في العالم. إن القصد الذي شاءه الرب لكنيسة أنطاكية يوم ألهم روحه القدوس المؤسسين في ذلك اليوم المبارك من آذار العام 1942 أن يحيوا الحركة فيها، إنما تكمن تجلياته في أن يعم الوعي والالتزام كل أبناء الكنيسة، وأن ينخرط هؤلاء في ورشة الكنيسة وفي سعيها المستمر لكي تبقى على بهاء سيدها وتنقل نور إنجيله في العالم. وإذ أتينا على ذكر الأحبة المؤسسين، رسل "المحبة الأولى"، نرفع الصلوات إلى إلهنا كي يغدق على المنتقلين منهم رحمته، ويغمر نفوسهم بضياء قيامته، وأن يمد الأحياء، منهم، بأعوام من الصحة المتوجة بالفرح بثمار تكرسهم لخدمة المسيح وكنيسة أنطاكية. وأخص بالذكر الأحباء، المطران جورج خضر والمطران يوحنا منصور والشماس اسبيرو جبور".

ورأى ان الذكرى " تقودنا اليوم لنتأمل أولا سر الفداء وأن نمده إلى عالمنا اليوم، بحيث نفتدي هذا الزمن الصعب، بالتفافنا حول الحمل الذبيح منذ إنشاء العالم، وبوحدتنا في وجه المخاطر الكثيرة التي تهدد شرقنا ووجودنا الفاعل في هذه البقعة التي أرادنا الله شهودا له فيها، فلا نلتهي عن الجوهر بالقشور، ولا نسمح للتشرذم بأن يتسلل إلى صفوفنا. وهذا يدفعنا إلى أن نرسخ في "المحبة الأولى"، ونعمق معرفتنا بالسيد ونوطد التصاقنا به وبكلامه، فنشهد بوعي وحيوية لإيماننا الثابت بلغة تخاطب حاجات مؤمني اليوم وتطلعاتهم. فيسوع المسيح هو هو، وحاجة العالم إلى خلاصه لا تتغير مع تغيير الأزمنة بل تبقى هي هي. أما السؤال الكبير حول السبل التي علينا أن نسلكها من أجل تفعيل بشارتنا بالمسيح الظافر في وسط هذه المتغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا، فهو سؤال يخصنا جميعا ويدعونا الى أن نلملم ونوحد طاقاتنا من أجل بناء حضور أرثوذكسي فاعل يترجم عظمة إيماننا وحنان مسيحنا ومحبته للجميع. فشهادتنا، مدعوة لأن تتكيف مع تقلب الأزمات والظروف وتتحرك معها. فكثيرة، وكبيرة هي أزمات منطقتنا وعالمنا التي تنادينا إلى أن نجسد في وسطها حضورا إيمانيا انجيليا مفتقدا. فالإرهاب، بويلاته كافة، صار، للأسف، مشهدا مألوفا ومؤلما للجميع، والإنسان، خاصة في بلداننا ومنطقتنا، أمسى سلعة تتقاذفها مصالح الكبار. هذا، ناهيكم عن داء الاستهلاك المستعصي الذي يلازم هذه الأوضاع ويدفع شرائح شبابية إلى اللهو عما يخدم خلاصها ومجتمعاتها وأوطانها، وعما يرتقي بهذه المجتمعات إلى حال المصالحة والسلام مع شعوبها المرتكزين على العدل بين الناس واحترام التنوع الإنساني".

وشدد على ان" تنقية الذات، الشخصية والجماعية، من الزؤان، وتنمية حنطة الرب فيها، والتوق إلى أن تكون لنا نكهة مسيحنا لنكون في العالم ولا نكون منه، تجعلنا نستحق أن نكون أبناء هذه المناسبة التي نحييها اليوم. لقد زرعت حفنة قليلة من الأشخاص في تربة أنطاكية بالصلاة والدموع فأثمر زرعها لأن توبتها ما هدأت، ولأنها جدت في محبتها لمن "أحبنا أولا". فعيدنا اليوم يكون عيدا مباركا إن جددنا عهد الحب والتوبة هذا الذي قطعه من سبقنا. وفي هذه المسيرة كل منا بحاجة إلى الآخر، وكل موهبة بحاجة إلى الأخرى. ولعل هذا يدعونا، خصوصا اليوم، إلى شكر الرب وتمتين وتنمية ما أعطي لنا بفضل تعب من سبقونا من خلال وحدتنا وتكاتفنا". وقال: "تثبتوا في الإيمان والحق والمحبة. حافظوا على تعب من سبقكم ولا تستهينوا بأتعاب كل من يخدم المسيح وكنيسته. لا تكيلوا ضعفات غيركم، ولكن لا تتهانوا مع ضعفاتكم. لا تساوموا على حق الله في الأرض ولكن تنبهوا لكي لا تكسروا قصبة مرضوضة أو أن تطفئوا فتيلا مدخنا. أحبوا الجمال ولا تحتكروه لكم ولا تسجنوه في أناكم، بل اقتحموا به سائر الهياكل لتزيدوها جمالا وتزيدوه بها سحرا".