يجدّد ​جو حبيقة​ الوعد الذي تسلّمه وعداً طريّ العود من أبيه ليصل به إلى قدرة المشاركة في القرار والإصلاح الديمقراطي العصيّ في لبنان حتى الآن. لكن "الشبيبة نار" تجدّد تشتعل في قلوبهم لتنضج مسيرتهم نحو إنجاز الطموح.

لم يخُضْ حزب الوعد غمار انتخابات عامَي 2005 و2009. قانونا الستين والدوحة كانا مفصّلَيْن على قياس الزعماء وأمراء السياسة والطوائف. في العام 2005 لم يكن رئيس حزب الوعد بلغ السنّ التي تؤهّله التقدّم بترشيحه للانتخابات النيابية. في العام 2009 ترشح إثباتاً للوجود ثم انسحب. أما اليوم، فيستعدّ حبيقة للترشح في دائرة بعبدا، بحسب ما يؤكد لـ"البناء"، من دون أن يحدّد حيثية تحالفاته.

لا شيء واضح حتى الساعة، وإنْ كان النظام النسبي سيغيّر قواعد اللعبة، بعدما كانت انتخابات الأعوام السابقة معلّبة ومحسومة لصالح اللوائح الكبرى. ستصبح للصوت قيمة في النظام النسبي. لا أحد يستطيع في ضوء هذا النظام أن يحدّد سلفاً النتائج. كلّ فريق يترقب كيف "ستركب" التحالفات، وربما قد يكتشف الحلفاء أحياناً أنّ مصلحتهم بالتنافس شكلياً من خلال تشكيل لائحتين لتقاسم الأصوات، يقول حبيقة.

يحضّر حزب الوعد في زحلة، جبل لبنان، والأشرفية. وبالتالي سيكون له وقعه في الانتخابات المرتقبة في العام 2018 سواء عبر مرشحين في الأماكن التي ينتشر فيها، أو عن طريق دعم أشخاص يتمتعون بأهلية وكفاية لتبوء المقاعد النيابية. فالوعدي بحسب حبيقة، لن يعطي صوته لمرشح لا يقنعه بطروحاته وفكره، فمنطقنا الوطني اللاطائفي لا نحيد عنه. نحتاج إلى دم جديد في الندوة البرلمانية. لن نتعاون مع مَن يريد أن يحتكر السلطة.

لا يتحدّث حبيقة عن مآل التحالفات. المرحلة المقبلة ستشهد خلطاً للأوراق. لكنه يجزم أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة يمثلان الحليفين الطبيعيين منذ سنوات بعيدة. فعندما كنا نُحبط في أحيان كثيرة بسبب نهج الحكم وتركيبة السلطة، كان هذا الحزبان يساندان "الوعد" ليبقى حضوره فاعلاً. مع تأكيد جو أنّ قاعدة تحالفات حزبه قد تتوسّع لتطال قوى سياسية تشكل ضمانة للمواطنين على حقوقهم وطنياً وإصلاحياً فعلاًً لا شعارات رنانة.

حزب الوعد الذي يوجد مكتبه ومكتب التيار العوني في "سنتر ميرنا الشالوحي"، آمن في مرحلة معينة بأنّ التيار الوطني الحر قادر على تحقيق التغيير والإصلاح في البلد. شبك الأخير تحالفات ذكية. بات فاعلاً في شدّ الحبال السياسية. لكن سرعان ما وجد "الوعد"، بحسب حبيقة، أنّ البرتقاليين اعتمدوا قاعدة أنا أو لا أحد. نحن نتسلّم السلطة؛ وهذه هي الضمانة، من دون السماح لحلفائهم وأصدقائهم بالمشاركة.

في العام 2000 خاض حزب الله وحزب الوعد برئاسة النائب الراحل إيلي حبيقة الانتخابات سوية في دائرة عاليه - بعبدا، من خلال المرشحين علي عمار وجان غانم، في مواجهة اللائحة المدعومة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب جنبلاط، وكذلك ترشح حبيقة الأب منفرداً في الدائرة نفسها، وضمن آلية منسقة مع حزب الله الذي ترك أحد المقاعد المارونية الثلاثة عن قضاء بعبدا في لائحته شاغراً.

لكن ماذا عن انتخابات 2018؟

يتوقع جو حبيقة أن يكمل حزب الله بتحالفاته مع الوطني الحر، وإذا تبدّل الواقع، فلكلّ حادث حديث. لا خلاف بيننا وبينه. التحالف معه إذا حصل لا يشكّل أيّ إحراج لقاعدتنا الشعبية، وإنْ كان من المبكر الحديث عن مسار الأمور. اللاعبون الكبار لم يحسموا أمورهم بعد.

يبقى، أنّ حزب الوعد تقدّم في العام 2004 باقتراح قانون على أساس النسبية مع تقسيم لبنان 15 دائرة والحفاظ على عدد المقاعد 128، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين إلى حين إلغاء الطائفية السياسية ووضع قانون انتخابي على أساس غير طائفي وإنشاء مجلسين تمثيليّين واحد للنواب وآخر للشيوخ وفق ما نص الدستور في المادة 22. اقتراح هو إلى حدّ بعيد يحاكي الصيغة التي سيقرّها مجلس الوزراء غداً الأربعاء مشروع قانون ويحيلها إلى المجلس النيابي إذا تمّ تذليل العقد. لكن المفارقة تكمن في اعتماد تقسيمات مختلفة في بعض الدوائر تتمثل بنقل الزهراني إلى صور، بعدما كان في اقتراح الوعد ضمن دائرة جزين الزهراني، وبنت جبيل إلى دائرة النبطية - مرجعيون - حاصبيا، وعاليه إلى الشوف بعدما كانت تشكل وبعبدا دائرة واحدة.

لكن لماذا بقي هذا الاقتراح في الأدراج 13 عاماً؟

لم يشعر الحزب الذي أسّسه ايلي حبيقة يوماً أنّ هناك نيات حقيقية تستدعي التذكير باقتراح حزبه تتعدّى بيع المواقف والمزايدات. لم تظهر أية ملامح توحي بأنّ الطبقة السياسية قرّرت تخطي الشخصنة والتخلي عن المصالح الضيقة والذهاب إلى نقاش قانون انتخاب وطني على قياس لبنان. رغم ذلك، بقي حبيقة الإبن يؤكد عند كلّ محطة بضرورة الاتفاق على إقرار قانون انتخابي نيابي عصري قائم على النسبية الذي وحده بإمكانه أن يؤمّن صحة التمثيل.

هدف الوعد، بتقديمه هذا الاقتراح، بحسب حبيقة، التقدّم ولو خطوة باتجاه إلغاء الطائفية وبناء وطن حقيقي ودولة قوية يتمتع فيها المواطن بأبسط حقوقه من ماء وكهرباء وغاز ونفط، في وقت يتقاسم البعض صفقات الكهرباء بمناقصات ليست لدى الوزير أية خبرة في ميدانها وتمرّ من دون مطالعة المدير العام صاحب الاختصاص والخبرة في شأنها.