نشرت صحيفة "الأخبار" تفاصيل بنود الرد الأميركي على لبنان، حيث أشارت إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي تلقّى الرد وفقَ قاعدة أن "لا تعديل عليها ولا نقاش فيها، فإمّا الأخذ بها أو على لبنان تحمّل المسؤولية".
وكشفت مصادر بارزة لـ"الأخبار" أن ورقة الموفد الأميركي توم باراك "تحمل نفس مبادئ الورقة اللبنانية ولكنها ترتّب البنود بالمقلوب. فهي أعطت بند نزع السلاح الأولوية على أيّ بند آخر"، وقدّمت أمرين: الأول، نزع السلاح واعتبار ذلك شرطاً ومدخلاً لأي أمر آخر، ثم البدء بمفاوضات مع إسرائيل برعاية الدول الضامنة، لحل النقاط المُتنازع عليها وترسيم الحدود مع إسرائيل، وكذلك مع سوريا، وبعدَ ذلك يأتي الكلام عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي يحتلها في الجنوب وإطلاق سراح الأسرى وإعادة الإعمار ومساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية.
وقالت "الأخبار" إنّه "حتى مساء يوم أمس، لم تتوفّر أي إجابة على هذا الصعيد، لكنّ التواصل السياسي كانَ مفتوحاً في ظل جو إعلامي ضاغط وتهويلي، يتولاه الخارج وتحديدًا السعودية".
وفي هذا السياق، قالَ مطّلعون للصحيفة إن "حزب الله وحركة أمل، ومن خلال لقاءات عُقدت بعيداً من الإعلام مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ومع رئيس الحكومة نواف سلام التقطا إشارات بعدم وجود توجّه لفرض مهل زمنية بل سيكون هناك تأكيد على ما تضمّنه البيان الوزاري لجهة التأكيد على حصرية السلاح في يد الدولة".
وأضافت أنّ "صيغًا عدة مطروحة على الطاولة، تستهدف خفض منسوب التوتّر في البلد من بينها نقل الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع، لكنها صيغة حذّر البعض رئيس الجمهورية منها لعدة أسباب، منها أن هذا الأمر سيجعل المسؤولية تقع على عاتق عون وحده وتسحب هامش المناورة، خصوصاً أن الأمر سيكون في عهدة ضباط الجيش، ما يفقد لبنان ورقة ضغط لأن الملف سيفقد إطاره السياسي، أما الاقتراح الثاني فيتحدّث عن تأليف لجنة عسكرية تدرس الملف وتحدّد آلية تنفيذه مع تحديد المهل ومن ثم تعيده إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار، ويكون لبنان بذلك قد سحب فتيل التفجير وكسب مزيداً من الوقت".
وقد تركّزت الاتصالات في الساعات الأخيرة في اتجاهين، واحد بين عون وبري وسلام لبلوغ صيغة وسطية تراعي جميع الجهات، وآخر بين بعبدا وحارة حريك، وعلمت "الأخبار" أن "مقرّبين من عون التقوا مسؤولين في الحزب وناقشوا معاً السيناريوات المطروحة، مع البحث في ما يُمكن أن تصل إليه النقاشات داخل الجلسة اليوم وعدم حصول ردات فعل تؤدّي إلى انسحاب الثنائي أو حتى من قبل الجهات المناهضين لحزب الله في حال رفضوا أنصاف الحلول".
وأشارت المعطيات المتوافرة إلى أن وزراء الثنائي سيحضرون الجلسة، باستثناء وزيري المال ياسين جابر والعمل محمد حيدر الموجوديْن خارج البلاد، علماً أن الاتصالات لم تبقَ محصورة في هذين الخطين، إنما النقاش توسّع ليطاول شخصيات سياسية ورؤساء حكومات سابقي، وكان هناك تأكيد على أن "اللغة فضفاضة ومن السهل التوصل الى صيغ تزاوج بين مقتضيات السيادة ومتطلّبات الأمن الوطني، فيما يستعد كل طرف لطرح وجهة نظره أمام طاولة مجلس الوزراء".
مع ذلك، بقيت الهواجس قائمة من أن تكون الجلسة بحدّ ذاتها استدراجاً لفخ يأخذ الثنائي لاتخاذ قرار وفق توقيت ملزم تحت الضغط، ومن ثم يُستتبع ذلك بضغط أكبر لتنفيذه، خصوصاً أن حزبَي "القوات" و"الكتائب" يدعمان إقرار جدول زمني، فيما تقول مصادر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إنه "يلتزم بالخط الحواري مع عون وبري وسلام مع التمسّك بمضمون خطاب القسم والبيان الوزاري".
إلى ذلك، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصدر وزاري وثيق الصلة بعون وسلام إن دعوتهما لعقد جلسة للحكومة تُخصص لتطبيق حصرية السلاح لم تأتِ من فراغ، ولن تنتهي كما بدأت، وكأنها لم تكن، وعُقدت من باب رفع العتب ليس أكثر.
وأكّد المصدر لـ"الشرق الأوسط" أنهما "يصران على حسم الموقف لمصلحة بسط الدولة سلطتها، لأن الوضع الداخلي لم يعد يسمح بالمراوحة، وأن وتيرة الضغوط الدولية والعربية على لبنان في تصاعد، وبدأت ترفع منسوب الحصار المفروض عليه، ولا يمكن استيعابه إلا بالتجاوب مع النصائح التي أُسديت له بوجوب حسم موقفه بوضع آلية تنفيذية لجمع السلاح من القوى المحلية، ومن ضمنها حزب الله".
ولفت المصدر إلى أن "عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، ولم يعد من خيار أمامه سوى التقاط الفرصة الأخيرة لإنقاذه، وإلا فإن الحكومة ستتحول إلى إدارة للأزمة، ولن تجد من يساعدها لحل مشكلاتها الداخلية التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة".