يواجه مجلس الوزراء، في إجتماعه غداً، واحدة من أكثر اللحظات الحاسمة ليس في هذا العهد الذي لم يمض على قيامه أكثر من ستة أشهر، بل في المطلق ربّـما.

لقد ضاقت المهلة، ولا نقول ضاق الخناق، ولم يعد ثمة مجال للتباطؤ، والمعلومات الواردة من قصر بعبدا تنذر بأنّ الجلسة قد تكون آخر جلسة في شأن قانون الإنتخاب، فإذا إستمرت الخلافات، وبقي العجز عن إنجاز القانون فارضاً ذاته، فالأمر سيعود الى النواب الذين يكون عليهم أن يأخذوا هذه القضية المصيرية بأيديهم، والخيارات واضحة: إمّا يقرّون إقتراحاً نيابياً بقانون إنتخابات، وإما يدرسون المشروع الذي في أدراج المجلس المعروف بمشروع حكومة ميقاتي، وإما يفشلون أمام هذا وذاك، فيكون قانون الستين هو الذي ستُجرى الإنتخابات على أساسه.

وفي هذه الحال سيجد وزير الداخلية نهاد المشنوق نفسه أمام خيار واحد ليس له بديل أو رديف: تحديد موعد العملية الإنتخابية في شهر ايلول المقبل، وعلى أبعد تقدير في شهر تشرين الأول.

الا أن هذا الاحتمال قد سقط نهائيا بإعلان الرئيس الحريري، ليل امس، انه وتيار المستقبل لن يترشحا على قانون الستين، وبالتالي لا يمكن الرجوع الى هذا القانون في غياب الطيف السني.

ولكن سيترتب على هذا الوضع فراغ نيابي يمتد حكماً الى ما بعد إجراء الإنتخابات النيابية، إلاّ إذا توافرت الأكثرية النيابية المطلقة (65 نائباً وما فوق) لإقرار التمديد للمجلس بأكثرية 34 نائباً وما يزيد.

إلا أن السؤال البدهي الذي يطرح ذاته هو الآتي: إن مجلس الوزراء الحالي هو إنموذج عن مجلس النواب... ويذهب البعض الى وصفه بأنه »مجلس نواب مصغّر«. فإذا كان مجلس الوزراء، بشكله الحالي وتشكيلته المعروفة، عاجزاً عن إنتاج مشروع قانون انتخابات، فكيف سيتمكن مجلس النواب من ذلك؟!.

يتوافق هذا الواقع الحرج مع منطقة يتصاعد لهيبها في غير واحد من بلدانها، ولقد يتعذر تقدير المدى الذي سيبلغ اليه هذا اللهيب المفتوح على أخطر الإحتمالات وربما أكثرها قساوة. وكذلك يتوافق مع علامات استفهام كثيرة تُرسَمُ في أُفق اللبنانيين المنتشرين في الأقطار المنهمكة حالياً بمشاكلها الكبيرة.

كما يحدث في لحظة أميركية بالغة الدقة كون مصير الرئيس ترامب ذاته غير واضح بعدما ازدادت مشكلة التخابر مع الجانب الروسي ويظهر فيها، كل يوم، تطور جديد ومثير.

أضف الى ذلك الأزمة الإقتصادية والإجتماعية المتفاقمة والتي تزداد صعوبة والمتوقف جزء من حلها على موسم إصطياف واعد، وإن غير مضمون.

والسؤال الأكثر أهمية الذي يطرح ذاته: من يضمن أن الأمور ستبقى هادئة أمنياً وسياسياً ومصيراً وطنياً إذا فشل القوم في إستغلال هذه اللحظات، وانتهوا بنا وبالوطن الى حيث نخشى أن نصل؟!.