اشارت " ​بيروت مدينتي​ " الى ان بعد انتظار دام عقود، أُقرّ أخيراً قانون يعدّل النظام الانتخابي المعتمد منذ ال1960 في لبنان. وقد جاء هذا القانون حصيلة أعوام من المزايدات و"المناكشات" السياسية حصلت معظمها في غرف مغلقة ومن خارج المؤسسات، وبشكل خاص من خارج المجلس النيابي نفسه حيث من المفترض أن تتم مناقشة وإنجاز النصوص التشريعية في هيئته العامة والعلنية لتمكين المواطن/ة من الاطلاع على مداخلات النواب ونقاشاتهم مواقفهم الفعلية والصريحة من التعديلات والإصلاحات المقترحة، بعيداً عن أضواء الكاميرات والتصاريح المضلّلة.

ولفتت الى انه في حين بات إقصاء الناس عن الاهتمام بشؤون حياتهم العامة وبات العمل من خارج الأطر الدستورية والعلنية من شيم الطبقة السياسة الحاكمة، تحرص "بيروت مدينتي" على إعادة تكريس مبدأ المشاركة الفاعلة في الحيّز السياسي. وكنقطة انطلاق، يهمّ "بيروت مدينتي" تسجيل بعض الملاحظات على ما يتضمنّه القانون المذكور –أو بالأحرى ما أغفله، نظراً لأهمية هذه المحطة المفصلية في عملية تكوين السلطات الدستورية في الدولة اللبنانية.

واشارت إلى إصلاحات أساسية أقرّها القانون، والتي لم يكن لها أن تبصر النور لوْلا مثابرة الهيئات المدنية وبعض الجهات السياسية التي رفضت الرضوخ إلى المحاصصة والاحتكار فقط للمشاركة في–أو لمصادرة؟- السلطة في سبيل إنجازها، ولو أنها جاءت ناقصة ومتعثّرة. فخلاقاُ لما جاء في قانون ال2008، والذي لم يكن سوى نسخة "تجميلية" لقانون ال60، باتت هيئة الإشراف على الانتخابات هيئة الدائمة؛ والمعركة القادمة سوف تكون حتماً تكريس استقلاليتها التامة عن وزارة الداخلية والبلديات. أما الإيجابية الثانية تكمن بطبيعة الحال في اعتماد النظام النسبي لما له من أفضلية في إعادة إنتاج السلطة وفي تمثيل شريحة أوسع من المجتمع اللبناني. كما يتيح، إلى حد جدير بالاعتبار، للمجموعات السياسية البديلة أن تكون لاعباً أساسياً في المنافسة الانتخابية بعيداً عن التملّق والولاءات الفارغة للقوى السياسية الحاكمة. كما لا بد من تسجيل إصلاح جوهري يتخطّى بأشواط طابعه التقني يتمثل في اعتماد اللائحة المطبوعة سلفاً والذي من شأنه الحد من التزوير ومن مصادرة حق الناخبين الحرّ باختيار ممثليهم، فضلاً عن تسهيل عملية فرز الأصوات واحتسابها –والتي لا تزال حقيقة الأمر تذكّرنا بالقرون الوسطى.

ان الشوائب التي اعترت القانون الجديد، والتي تحجب جانباً مهماً من الإصلاحات المنشودة تتمثل أولاً بتكريس التقسيم الطائفي والسياسي بدلاً من إطلاق مسار تذليله وفق ما نصّ عليه الدستور منذ العام 1991. ويبرز هذا التقسيم بشكل خاص في العاصمة من خلال إعادة إحياء مشهد الحرب الأهلية، "بيروت الغربية" و"بيروت الشرقية"، خلافاً لإرادة الناخبين التي عبّروا عنها بامتياز في الانتخابات المحلية الأخيرة. علاوة على ذلك، وبالرغم من أن "بيروت مدينتي" تتمسك بمبدأ المناصفة بين المرأة والرجل الراغب/ة في الترشح، امتنع ممثلي الأمة عن اعتماد الكوتا النسائية والتي تشكّل إصلاح الحد الأدنى من مسار تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية حيث تذّرع البعض بمبدأ "صحة التمثيل" بينما تراجع البعض الآخر عن الوعود والالتزامات التي أتحفونا بها في خطاباتهم وتصاريحاتهم الإعلامية... ناهيك عن إغفال تام لشريحتين واسعتين هما الشباب الذين بلغوا سن الرشد المدني و المغتربون الذين لا يزال حقهم/ن في اختيار ممثليهم مصادراً وأسير المعادلة الفئوية والطائفية المهينة المتمثلة بحق "الشاب/ة المسلم/ة" مقابل حق "المغترب/ة المسيحي/ة" في التصويت.

ورأت أنّه وبالرغم من هذه الشوائب والتحدّيات وإنكار ممنهج لحق اللبنانيين/ات في المشاركة في عملية ديمقراطية سليمة وغير مشوّهة، واستكمالاً للمسار الذي تخوضه تحت عنوان التغيير الجذري في المشهد السياسي، تؤمن "بيروت مدينتي" من أنّ صندوق الاقتراع سيثبت لا محال في الانتخابات المقبلة مدى رغبة وإرادة ومثابرة مختلف شرائح المجتمع اللبناني لتحقيق تغيير جذري في المشهد السياسي الحالي باتجاه إعادة بناء الدولة المدنية والديمقراطية.