لا شك أن اعلاميي لبنان يحلمون بأن يكون لديهم نقابة موحدة قوية قادرة على جمعهم تحت لوائها، تحارب لأجل حقوقهم، وتحفظ لهم حريتهم، وطبابتهم وتقاعدهم. إن هذا الحلم الجميل بحاجة الى عمل مضن وجهد استثنائي، خصوصا بظل الانقسامات السياسية والطائفية التي تطيح بكل مشروع جامع.
في الساعات الماضية، استطاع وزير الإعلام ملحم الرياشي اجتياز الخطوة الاولى، اذ أقر مجلس الوزراء تعديل قانون المطبوعات بحيث أصبحت نقابة المحررين قادرة على جمع كل الاعلاميين، وعلمت "النشرة" ان التعديل طال الفصول الثالث، الرابع، الخامس والسادس من قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14 ايلول 1962، ويتحدث الفصل الثالث، في المادة 22 عن المطبوعات الصحفية، والشروط الواجب توافرها في الصحفي، بينما يتحدث الفصل الرابع عن الترخيص بالمطبوعة الصحفية، الخامس يتحدث عن الشروط الواجب إتمامها للحصول على الرخصة، والسادس يشير الى الشروط المفروضة على المطبوعة الصحفية عند صدورها وبعده.
ومن التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة وتكشفها بعض تفاصيلها "النشرة"، ما جاء في الشروط التي يجب توافرها في المحررين الراغبين في الانتساب الى النقابة، وهي "أن يكون لبنانيا منذ أكثر من 10 سنوات أكمل الحادية والعشرين من عمره، أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، غير محكوم بجناية أو جنحة شائنة، أن يكون إتخذ الصحافة مهنة ومورد رزق، أن يكون حائزاً على إجازة في الاعلام (إختصاص : صحافة، إذاعة وتلفزيون) على أن يخضع للتدرج مدة سنة واحدة، أو أن يكون حائزاً على إجازة جامعية أخرى معترف بها في لبنان، على أن يخضع للتدرج مدة سنتين، وأن يكون متمتعا بسيرة توحي الثقة والاحترام".
وبالاضافة الى تعديلات تتعلق بطبيعة تركيب النقابة وواجبات النقيب والتأديب، يمكن القول أن "الأهم" في هذا الملف كله هو "صفة" أعضاء الجمعية العمومية الذين يكوّنون نقابة المحررين، بحيث أصبحوا بعد التعديل الذي حصلت عليه "النشرة": "المحررون العاملون في وسائل الاعلام المكتوبة (الورقية والالكترونية) المسجلين على الجدول النقابي من دون أن يكونوا من مالكي المطبوعات، وهم: محررو المواد الاخبارية، المراسلون، الكتاب، المحللون الذي يشمل عملهم كل الابواب، والمحررون الّذين يعملون في وسائل الاعلام المرئي والمسموع وهم: المذيعون والمعدون للنشرات الاخبارية في التلفزيون والاذاعة، ومحررو الاخبار، والمراسلون الدائمون، مقدمو ومعدو البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
من جهته يؤكد نقيب المحررين الياس عون أن الانجاز الذي تحقق في مجلس الوزراء هو بداية "طريق العزّ" الذي ستصل اليه النقابة، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن الوصول الى الخواتيم السعيدة في هذا الملف لن يكون سهلا ويتطلب المزيد من التضحيات والدعم من قبل جميع الوسائل الاعلامية في لبنان. ويضيف عون: "ما تحقق حتى اللحظة هو أمر جيد والدولة عليها واجب رعايته"، متوقعا ان يصل الاعلاميون في لبنان قريبا الى نقابة قوية قادرة موازية للنقابات الكبرى.
بالمقابل يرى مصدر مطّلع على مجريات ما حصل، أن التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء تواجه تحديا جديدا في مجلس النواب، آملا أن تجد طريقها الى التطبيق كما هي. ويضيف المصدر في حديث لـ"النشرة": "ما نسعى اليه يأتي تماشياً مع التطور والتنوع في القطاعات الاعلامية، الذي أدى الى إزدياد عدد العاملين في مجال الصحافة اللبنانية وتنوع إختصاصاتهم، بالاضافة الى الحاجة الملحّة لتنظيم هذه القطاعات ضمن إطار نقابي جامع"، متمنيا أن ينضم جميع الاعلاميين الى هذه النقابة.
يقولون أن "مشوار" الالف ميل يبدأ بخطوة، و"الخطوة" نحو الوصول الى نقابة اعلامية قوية قد أنجزت، بانتظار الخطوات اللاحقة.