باتت الأوضاع التي تشهدها ​مدينة القدس​، تنذر بتطورات خطيرة قد تتجاوز حدود المدينة المقدسة، بفعل ممارسات قوات الإحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ المخطط القديم - المتجدّد بالسيطرة على ​المسجد الأقصى​، كما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل.

وتعود المدينة المقدسة لتخطف الأنظار رغم الانشغالات العربية والدولية بملفات متعدّدة.

ويتوقع أن يشهد اليوم (الأربعاء) غضباً وزحفاً فلسطينياً من مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، لنصرة الأقصى والقدس بمواجهة إجراءات الإحتلال التعسفية، بوضع بوابات عند بابي الأسباط والمجلس، فيما جرى إقفال الأبواب الأخرى المؤدية إلى داخل المسجد المبارك.

وأمس رفض الفلسطينيون، لليوم الثالث على التوالي، الدخول إلى المسجد الأقصى في ظل إجراءات الإحتلال الجديدة وواصلوا مرابطتهم على أبوابه وإقامة الصلوات، خاصة على بوابتي الأسباط والمجلس، رغم ملاحقات الإحتلال وقمعه له.

وصعّدت قوات الإحتلال من اعتداءاتها ضد المقدسيين، حيث أطلقت أعيرة نارية مطاطية وقنابل أثناء أدائهم صلاة العشاء عند باب الأسباط، ما أدى إلى إصابة 34 مقدسياً، 14 إصابة خطيرة بالصدر، جرى نقلهم إلى "مستشفى المقاصد" في المدينة، فيما تمّ التعامل مع 20 إصابة ميدانياً.

وقد أصيب خطيب مسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري برصاصة مطاطية برأسه تسببت بنزيف حاد، بعدما تمّ الاعتداء عليه بالضرب بالهراوات، نقل إثرها إلى "مستشفى المقاصد" للمعالجة.

وأكد الشيخ صبري أن "إصابتي برصاص الإحتلال تمت بعد الصلاة مساء أمس، حيث كنا نؤدي صلاة العشاء عند باب الأسباط، لرفضنا إجراءات الإحتلال بوضع بوابات الكترونية على بابي الأسباط والمجلس، في تدابير غير مسبوقة تتعارض مع حرية العبادة، ولأن الأقصى للمسلمين وإدارته يجب أن تكون للمسلمين فقط، ولن نسمح بتغيير ذلك، والسماح للإحتلال

بالسيطرة على الأقصى أو إدارته".

وأشار إلى أن "سلطات الإحتلال ركبت البوابات دون موافقة ​الأوقاف الإسلامية​، وهو تدخل في شؤون الوقف الإسلامي، ويهدف إلى التضييق على المسلمين".

وأصيبت مراسلة "الجزيرة" في القدس لطيفة عبد اللطيف برصاصة مطاطية خلال تغطيتها الاشتباكات العنيفة بين مصلين وشرطة الإحتلال.

وطاردت وحدات الإحتلال الشبان المقدسيين داخل أزقة البلدة القديمة، وأقدموا على تكسير أبواب المنازل بحثاً عنهم، وجرى اعتقال عدد منهم.

وفي تصرف غير أخلاقي، لاحقت قوات الإحتلال سيّارات "​الهلال الأحمر​ الفلسطيني" لمنع وصول المصابين إلى المستشفيات، وأطلقت قنبلة صوتية باتجاه إحدى سيّارات الإسعاف، فيما نُفّذ اعتداء آخر على أحد طواقمها.

وطالب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور جمال المحيسن "جميع أبناء حركة "فتح" بتحطيم البوابات الالكترونية، لأن الأقصى هو من معتقداتنا الدينية"، محملاً "المسؤولية إلى ​الحكومة الإسرائيلية​، التي ليس لها نوايا لانهاء الإحتلال، وتعتدي على المسجد الأقصى، وهو خط أحمر، ولن نسمح به، ودماؤنا فداء للأقصى".

وأكدت شخصيات وطنية ودينية إسلامية ومسيحية مقدسية رفضها للبوابات الالكترونية مشيرين إلى "أن الأقصى لا يزال محاصراً بإجراءات الإحتلال المتمثلة بالبوابات الالكترونية من جهة، وإغلاق معظم أبوابه من جهة أخرى".

وشدّدوا على "أن العبور إلى المسجد الأقصى يكون عبر بواباته الرئيسية دون إجراءات تقيد حرية العبادة"، داعين إلى "إزالتها على الفور".

في غضون ذلك، ما زال يهود متطرفون يدخلون إلى باحات المسجد في أوقات محددة، يمارسون خلالها شعائرهم التلمودية، والمجاهرة بأنهم ينوون بناء الهيكل المزعوم مكان الأقصى.

وفي تطوّر خطير، ذُكِرَ عن اتفاق جديد حصل بين الحاخامات المتدينين المتزمتين (حريدين) مع رئيس بلدية الإحتلال في مدينة القدس نير بركات، يقضي بالتفاهم على تقسيم المدينة بين المتدينين والعلمانيين اليهود، ونوع المؤسسات التعليمية التي سيتم فتحها في هذه المناطق، وأين سيتم بناء مستوطنات للعلمانيين وأخرى للمتدينين.

ويأتي هذا الاتفاق الخطير ليقسم مناطق المدينة المقدسة كافة.

إلى ذلك، استشهد الشاب الفلسطيني رأفت نظمي شكري حرباوي (29 عاماً) من ​مدينة الخليل​.

وزعمت قوات الإحتلال أن حرباوي كان يحاول تنفيذ ​عملية دهس​ جنديين على مفرق بيت عينون - شرق الخليل، ظهر أمس، حيث أطلق جنود الإحتلال النار باتجاهه، فاستشهد على الفور.

وفتح جنود الإحتلال رشاشاتهم بكثافة تجاه سيّارة فلسطينية من نوع (مازدا) تقل شخصين، ومنعوا مجموعة صحافيين من تغطية إطلاق النار على سيّارة الشهيد حرباوي.

وحاصر جنود الإحتلال منزل عائلة الشهيد ومنعوا المصورين من التقاط الصور لعائلته.