كما بات معروفاً لن يفتح ​الجيش اللبناني​ من الناحية اللبنانية معركة تحرير جرود ​عرسال​ و​رأس بعلبك​، وكما بات معروفاً أيضاً أن الساعة الصفر لبدء العمليات العسكرية من ناحية ​القلمون​، سيحددها ​حزب الله​ بالتنسيق مع ​الجيش السوري​، وموعدها لن يتأخر كثيراً بعد إنتهاء محاولات الوساطات الأخيرة الهادفة الى التوصل لتسوية ينسحب بموجبها مسلحو ​جبهة النصرة​ الى إدلب من دون فتح جبهة معهم، على أن تنحصر المعارك مع مسلحي ​تنظيم داعش​ فقط.

لكن فتح المعركة من قبل الحزب الذي نشطت وحداته في الأسابيع الأخيرة بالتحضير ميدانياً ولوجستياً للمعركة لا سيما في جرود فليطة، لا يعني أبداً أن ما من دور سيلعبه الجيش اللبناني في هذه المعركة أو أن الوحدات العسكرية المنتشرة على تخوم بلدات عرسال ورأس بعلبك و​القاع​ ستقف متفرجة على ما يحصل على بعد كيلومترات قليلة منها.

وفي المعلومات المتوافرة عن المعركة، سيقوم الجيش اللبناني بالمهام التالية:

أولاً، إقفال حدود إنتشاره على تخوم البلدات أمام أي خرق إرهابي قد يلجأ اليه المسلحون نتيجة ضغط نيران حزب الله والجيش السوري المفروضة عليهم من الناحية السورية، وذلك لمنع تمدد المعارك الى البلدات اللبنانية لا سيما عرسال، حيث ينتشر فيها ما يقارب المئة ألف نازح في مخيّمات، أثبتت عملية "قض المضاجع" التي نفذها ​فوج المجوقل​ في مخيمي القارية والنور أنها قد تكون مقراً لإنطلاق إرهابيين وانتحاريين ومسلحين ومركزاً لإعداد العبوات الناسفة التي تزرع هنا وهناك للدوريات العسكرية المتنلقة .

ثانياً، توسيع نطاق إنتشار الجيش الى ما بعد منطقة وادي حميد لضم مخيمات النازحين التي تأوي عائلات المسلحين (فيها حوالى 7000 نازح)، الى نطاقه العسكري وعزلها كلياً عما يحصل في الجرود.

ثالثاً، فرض تدابير مشددة جداً لا بل إستثنائية على مخيمات النازحين السوريين في عرسال خصوصاً وفي ​البقاع​ بشكل عام، منعاً لتكرار سيناريو آب 2014 يوم خرج المسلحون من داخل مخيمات عرسال لقتال الجيش ومهاجمة مراكزه المنتشرة في المهنية ووادي الحصن و​وادي عطا​ وغيرها، ما أدى يومها الى سقوط شهداء وجرحى بين صفوف الضباط والعسكريين إضافة الى خطف ما يزيد عن ثلاثين عسكرياً وعنصراً في ​قوى الأمن الداخلي​.

لكل ما تقدم، قام الجيش خلال الأسابيع الأخيرة بكل الترتيبات العسكرية واللوجستية المطلوبة للمعركة، وإستدعى ببرقيات من القيادة، جميع العناصر والضباط الخاضعين سابقاً لدورات وحدات خاصة كالمجوقل والمغاوير والتدخل، من الألوية التي يخدمون فيها اليوم الى الأفواج والوحدات الخاصة، كل ذلك تحسباً لأي تطور ميداني قد تفرضه المعركة وكي يكون على كامل الإستعداد والجهوزيّة بعيداً كل البعد عن عنصر المفاجآت التي تحسب لها الجيوش في معارك كهذه ألف حساب.

إذاً، قريباً جداً ستكشف المفاوضات إذا كانت المعركة ستدور بين حزب الله والجيش السوري والجيش اللبناني من جهة و1200 مسلح موزعين على جبهة النصرة وتنظيم داعش من جهة ثانية وحوالي 600 مسلح لتنظيمات أخرى، أم أن العمليات القتالية ستنحصر مع حوالى 600 مسلح من داعش فقط إذا إنسحبت النصرة والتنظيمات الأخرى بلا معارك، أما النتيجة المنتظرة فمعروفة، وهي أن بؤرة الجرود اللبنانية ستفكك الى غير رجعة.