إنطلقت معركة تحرير جرود ​رأس بعلبك​ والقاع من إرهابيي تنظيم "داعش" أم لم تنطلق، قَبِل التنظيم ​الإرهاب​ي الدخول في مفاوضات تؤمن إنسحابه الى الداخل السوري أم أخرج تحت ضغط نيران الصواريخ والقصف المدفعي، فكل الإحتياطات واجبة، والتحضيرات لمعركة كهذه، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار كل التدابير التي من شأنها أن تمنع حدوث أي خرق إرهابي غير متوقع وتحديداً في ​بلدة القاع​ التي سبق للإرهاب أن دق بابها وبثمانية إنتحاريين العام الفائت.

لكل ما تقدم، تكشف المصادر العسكرية أن التعزيزات الميدانية واللوجستية التي إستقدمها الجيش الى الجرود المواجهة لنقاط تجمع "داعش"، توازيها سلسلة من الإجراءات الأمنية المشدّدة جداً في منطقة ​مشاريع القاع​ ومحيطها، حيث يعيش ما يزيد عن ثلاثين ألف نازح سوري أظهرت الإحصاءات الأخيرة إن عدداً كبيراً منهم جاؤوا الى لبنان من محافظة ​الرقة​، قلعة ​تنظيم داعش​ الأساسية في الداخل السوري. إجراءات تضيف المصادر الأمنية أنها أشبه بحصار أمني مشدّد على منطقة المشاريع التي أثبتت التحقيقات أن الإنتحاريين الذين إستهدفوا بلدة القاع في حزيران 2016 إنطلقوا منها.

وفي هذا السياق، تكشف المعلومات بعضاً من هذه الإجراءات، أولها فصل منطقة المشاريع عن الجرود بشكل كلي منعاً لأي تسلل إرهابي من قبل "داعش" يجعل من المدنيين القاطنين في خيم النازحين دروعاً بشرية أو يعمل على تحريض النازحين على قتال الجيش، أو حتى يقوم بتنفيذ عمليات إنتحاريّة تستهدف ​النازحين السوريين​. فصل المشاريع عن الجرود يهدف أيضاً الى منع تسلل أي إرهابي سبق له أن تغلغل بين خيم النازحين، الى الجرود لدعم مسلحي داعش في معركتهم ضد الجيش. من بين هذه الإجراءات المتخذة أيضاً، تكثيف لعمليات الدهم التي ينفذها ​الجيش اللبناني​ بوتيرة يومية على مخيمات مشاريع القاع كل ذلك بالتزامن مع المعركة الدائرة في الجرود، وذلك بهدف شلّ أي عمل إرهابي قد ينطلق من مخيمات المشاريع ضد بلدتي القاع ورأس بعلبك، او ضد مراكز الجيش اللبناني المنتشرة داخل هاتين البلدتين.

ما بعد معركة تحرير الجرود، لن يكون كما قبلها بالنسبة الى مشاريع القاع، وما كان يعرف بالفلتان الأمني في هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة التابعة جغرافياً لبلدية القاع والواقعة بعد حاجز ​الأمن العام​ الأخير، لن يبقى على ما كان عليه بعد التحرير، وفي هذا السياق، تتردد معلومات عن وجود نيات رسمية إما لنقل خيم النازحين السوريين الموجودة في المشاريع الى منطقة أخرى وإستحداث أكثر من نقطة عسكرية للجيش فيها نظراً لأهميتها ولموقعها الحدودي، وإما لنقل حاجز الأمن العام القائم حالياً على نقطة فاصلة بين بلدة القاع ومنطقة المشاريع، الى نقطة حدودية متقدمة قريبة من معبر جوسي الذي سيعاد فتحه قريباً، ما يجعل منطقة المشاريع أمنياً، لا جغرافياً فقط كما هي اليوم، من ضمن المناطق التي تقوم فيها ​الأجهزة الأمنية​ اللبنانية بواجبها على أكمل وجه.