اعتبر السيد ​علي فضل الله​، خلال خطبة الجمعة، أن "​لبنان​ طوى في الأيام الأخيرة فصلاً من أبرز فصول معركته مع ​الإرهاب​، باقتلاع جذوره من ​جرود عرسال​، وبعودة الأسرى سالمين إلى أهاليهم وإلى ربوع وطنهم"، لافتاً إلى أنه "قد أصبح واضحاً أنّ هذا الإنجاز ما كان ليحصل لولا التكامل بين ​الجيش اللبناني​ المعني بحماية حدود الوطن وسياجه، والمقاومة التي تبقى سنداً له، وهي بالطبع ليست بديلاً منه، والاحتضان الشعبي الذي نجده لأيّ معركة تحفظ الوطن، والَّذي نريد له أن يستمر في مواجهة تحديات الإرهاب شرقاً، والعدو الصهيوني جنوباً".

وأكد فضل الله أن "اللبنانيين معنيون في هذه المرحلة، كما كل المراحل اللاحقة، بالوحدة، لأنّنا نخشى دائماً، وبعد كلِّ إنجاز، من الذين يدخلون على خطهم، ليعبثوا بوحدتهم، وليزيلوا الآثار الإيجابية التي أنتجها هذا الإنجاز"، مشددا على أن "اللبنانيين قد يختلفون في النظر إلى القضايا الإقليميَّة وأسلوب التعامل معها، كما هو الأمر في التعامل مع ما يجري في سوريا أو ​العراق​ أو ​اليمن​ أو غير ذلك من القضايا، ولكن ما ينبغي أن يتَّفق عليه الجميع، هو الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الأخطار المحدقة بهذا البلد، والتي قد تشكل تأثيراً في أمنه واستقراره".

وثمّن فضل الله "كلّ الأصوات التي انطلقت من المواقع الأساسيَّة، ودعت إلى تحييد البلد عن القضايا التي يختلف عليها"، داعياً "كلّ القوى السياسية في هذا البلد إلى أن لا يضيعوا الإنجاز الَّذي تحقَّق، أو يعبثوا بهذا الشّعور العارم لدى اللبنانيين بالثقة بأنفسهم وبقوّتهم وعزتهم وعنفوانهم، بإثارة هواجس ومخاوف لا واقعية لها من هذا الفريق أو ذاك، أو طرح سجالات حول قضايا يعرف الجميع أن لا جدوى من الحديث عنها وطرحها، سوى المزيد من الانقسام الداخلي وتشتّت طاقاتهم".

وتوجه إلى اللبنانيين بالقول "تلاقوا وتواصلوا وتحاوروا، فلا ينبغي أن يكون هناك ممنوعات في الحوار الداخلي، وليس هناك بديل من الحوار، لكنّ ما نريده دائماً هو الحوار الجاد والموضوعي.. كي نتّقي الأخطار الحالية والقادمة، فنحن نعيش في عالم لن يقلع فيه أحد أشواكنا إن لم نقلعها بأنفسنا، ومن خلال وحدتنا"، مشيراً إلى أنه "في هذا الوقت، تعود الملفّات الدّاخليَّة إلى الواجهة، وخصوصاً أزمة الكهرباء الَّتي نريد لها حلاً قريباً يخفّف من الأعباء على اللبنانيين، ولكنَّه الحلّ الناجع والشّفاف، كما نؤكّد ضرورة التعاطي بمسؤولية مع قضية الرتب والرواتب التي أثيرت مجدداً مع الحديث عن المفاعيل السلبية لها على مستوى مالية الدولة أو على أغلبية المواطنين، إن على صعيد ارتفاع أسعار الحاجيات الضرورية أو ارتفاع ​الأقساط المدرسية​".

وأضاف "نعيد التأكيد على ما قلناه سابقاً، بأنَّ إقرار سلسلة الرّواتب حقّ للموظفين وللمعلمين، ولكنَّنا كنا دائماً نشدّد على أن يواكب ذلك بمعالجة الفساد والهدر، والتسريع بإنجاز الخطة الاقتصادية، إنعاشاً لميزانيّة الدّولة، وبما يحول دون فرض الضرائب التي تلحق الضَّرر البالغ بالطبقات الفقيرة والمتوسطة، عندما تحملهم أعباء ليسوا قادرين على حملها، وهذا ما ندعو إلى معالجته وإعادة النّظر فيه".

وتطرق إلى موضوع اليمن بالقول "البلد الّذي اكتوى بنيران الحرب الَّتي بات الجميع يعرفون أن لا أفق لها، ولن تؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والخراب لهذا البلد، كما يعرفون أنَّ الذي يدفع فاتورتها هو الشّعب اليمني الَّذي لم يعد ضحيَّة للحرب فقط، بل للأمراض الخطيرة التي تسبّبت بها، وخصوصاً مرض الكوليرا الَّذي يحصد مئات الآلاف"، لافتاً إلى أنه "أيّها العرب، أيها ​المسلمون​، نحن أمام شعب مهدّد بمصيره، وأمام بلد تأكله النيران، كما تأكله ​الأمراض​، ولذلك، لا بد من أن يتحمل الجميع مسؤوليته في العمل لوقف هذه الحرب العبثية وتداعياتها التي لن تقف عند حدود اليمن، بل ستتعداها إلى المنطقة كلها".