لم يسبق ان سمع احدنا او احدهم بأن دولة في العالم تمشي ماليتها العامة بلا موازنة ولـ12 عاماً متتالية. ولم يسبق لدولة في العالم ان قامت حكومة فيها ورئيس حكومة بصرف 11 مليار دولار في عام واحد ومن دون ان يكون هناك قيد يبين كيفية ووجهة هذا الصرف. ولم يسبق في العالم ان قامت موازنة جديدة لهذه الدولة ولا تلحظ قطع الحساب عن هذه الفترة. وايضاً من البدع الجديدة التي يخرج بها من كان يظن انهم اهل الاصلاح والتغيير هي دراسة مضخمة واستباقية تتحدث عن عجز لبنان في العام 2020 اي بعد ثلاثة اعوام. حتى هذه اللحظة ما زال لدينا بصيص امل في مصداقية رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي نجح في اختبار تثبيت شعاراته واكد انه يلتزم بها كما حدث مع اقرار ​قانون النسبية​ ذي الدوائر الـ15. ورغم المشاكل الاقتصادية التي يعيشها لبنان على غرار كل الدول المحيطة به وهذا ليس سراً او احجية او ذكاءً سابقاً لعصره لكن لا يمكن القول انه بلد مفلس او على شفير الانهيار هو في عجز ومديونية بل هو بلد منهوب من بعض القطاعات الكبرى كالمصارف وحيتان المال الاخرى من الوكالات الحصرية الى كبار التجار وتجار العملات وغيرهم. ويضاف اليهم المصيبة الكبيرة وهي مصيبة الفساد والهدر والتحايل على القانون والتهرب الضريبي وتغطية الفاسدين وحمايتهم.

ونرجو الله ان لا تكون إقالة احد ​القضاة​ الكبار من منصبه رغم عدم انهاء ولايته ونقله الى مكان قضائي آخر بداية تطويع سياسية جديدة للقضاء والقضاة وتخويفهم مرة جديدة بلقمة عيشهم تحت حجة عدم الاذعان للضغوطات السياسية فالمطلوب من القضاة الاستقلالية والبقاء على الحياد السياسي وعدم الاصغاء او الاذعان لاي ضغط ومن اي جهة اتى. فالقاضي الشريف ومعظم قضاتنا شرفاء ونزيهين لا يقبلون بأن يكون موظفين عند النائب والوزير والرئيس او رجل الامن او رجل المال.

وبالاضافة الى هذه الاسباب وتفاقم الازمات اللبنانية الاقتصادية، عدم وجود رغبة في استثمار قطاعات الانتاج "العذراء" في الدولة كاستخراج ​النفط​ بشكل جدي وتلزيمه بما يخدم مالية الدولة ويضمن استفادة الدولة من حقوقها النفطية بشكل كامل ووفق القوانين الدولية وليس تجيير حقوق الدولة المشروعة الى حقوق الشركات الخاصة والدولية وتربيحها ارقاماً خيالية على حساب خزينة الدولة. وهنا يجب الانتباه الى روائح الصفقات النفطية التي تلوح في الافق وهي صفقات تبررها وتغطيها القوانين والمراسيم التطبيقية للنفط والتي صدرت حتى اليوم وفيها من

الغموض والاجحاف بحق الدولة ما يسمح بتمرير اية صفقة على حساب الثروة العامة وعلى حساب حقوق الناس. فحقوق الدولة هي حقوق لكل اللبنانيين وليس لعائلة سياسية نافذة او لمسؤول او نائب او وزير فهذا المسؤول ليس هو وعائلته واولاده وازلامه كل الشعب هم جزء من الشعب وجزء صغير جداً ويأكل الاخضر واليابس.

وبعد هذا العرض الاقتصادي والاليم بفعل الممارسات الرسمية تأتي ​سلسلة الرتب والرواتب​ لتفضح عورات هذه الطبقة السياسية وتواطئها مع قطاع المصارف والقطاعات الخاصة من مدراس وجامعات وشركات اموال وعقارات لنسف السلسلة والالتفاف عليها. فبعد جهد جهيد وسنوات من النضال نال المعلمون و​الاساتذة​ والعسكريون والموظفون في القطاعات العامة والخاصة حقوقهم واقرت في ​مجلس النواب​ السلسة الشهيرة وبعد مناقشات من النواب والوزراء وتم تعديل بعض النقاط وحرم العسكريون المتقاعدون من تعويضاتهم المستحقة وفي محصلة الامر اقرت سلسلة افضل الممكن والتي لم ترحم الفقراء ومحدودي الدخل من الضريبة لكنها اقرت ولم تشكل هذا العبء الكبير على ما يزعمه ​القطاع المصرفي​ وبعض ​المدارس الخاصة​ اذ اتت الضريبة عليهم مخفضة ودون المطلوب ورغم كل هذا يلجأون اليوم الى الرئيس عون لرد قانون السلسلة ونسفه.

رغم العورات والسيئات التي تكتنف السلسلة لجهة فرضها ضرائب على الفقراء وتخفيفها على الاغنياء فإن رد السلسلة يعد من الهفوات السياسية والمالية للعهد ولمصداقية الرئيس عون وخصوصاً اذ صح انه استجابة لقطاعات الاغنياء فحري برئيس الجمهورية ان يكون حامي الدستور وكل ​الشعب اللبناني​ لا ان ينحاز الى فئة دون اخرى ولا يجوز كي ترد السلسلة ان يلجأ الى التهويل و"تكبير" الحجارة لتخويف اللبنانيين.