ستظل معركة الجرود رقم 2 مدار تداول في الأوساط السياسية والإعلامية والإجتماعية الى أن يُبت في أمرها نهائياً... أي إلى أنْ تدق الساعة الصفر أو الى ان يُعلن صرف النظر عنها. وستبقى الشائعات و«المعلومات» والأخبار المفبركة أو الحقيقية تُرشّ في «السوق» وآخرها ما تداوله بعض مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإعلامية بإدعاء أنّ قائد الجيش أرجأ زيارته الى ​الولايات المتحدة الأميركية​، ما أُريد الإيحاء من ورائه بأن القائد ​جوزيف عون​ حرص على أن يبقى ليُشرف على الإجراءات التنفيذية والعملية، وبالتالي، واستطراداً ما يعني ان المعركة واقعة حتماً بين يوم وآخر ان لم يكن بين ساعة وأُخرى... طبعاً جرى نفي هذا النبأ.

ونحن لا نسمح لنفسنا أن نتدخل في التوقيت، فهذا قرار شأن ​قيادة الجيش​. فهي التي تقرر ليس فقط في ضوء المعطيات والتقارير والدراسات الشاملة للوضع من جوانبه كافة الاستراتيجية والعملانية واللوجستية (...) وحسب، إنما أيضاً من حيث الصلاحيات التي لا جدال فيها.

لذلك ندعو المستعجلين والقائلين بالتريث معاً إلى وقف هذه الحماسة المفرطة لاستعجال أو لإرجاء العملية المفترض أنها ستكون ضدّ الإرهابيين في ​جرود القاع​ و​رأس بعلبك​، والتي سيخوضها الجيش عندما يستكمل الجهوزية وهي ليست فقط جهوزية عسكرية وحسب، انما هناك حسابات عديدة تبحثها القيادة العسكرية مع المسؤولين السياسيين. وهذا ليس شأن المغرّدين على تويتر أو الذين ليس لديهم «شغلة» يتسلّون بها، فوجدوا المجال ملائماً لإتحافنا بآراء معظمها خنفشاري.

إذاً، وفي منأى عن التوقيت الذي يعود قراره الى أصحاب القرار في القيادتين العسكرية والسياسية نرى أنه لابدّ من انهاء الوضع الشاذ في الجرود فهذه حال مَرَضية لا يجوز ان تستمر أكثر. وهذا رأي يُفْتَرَض ألاّ يكون مدار خلاف، ليس لأنه لا تنقصنا مادة خلافية جديدة تُضاف إلى الكم الهائل من القضايا والمسائل الخلافية، بل لأنه لا يجوز، في المبدأ وفي التفصيل، أن يقوم خلاف حول حتمية إخراج شراذم وجحافل من الأجانب، تواردوا من مختلف أنحاء العالمين القريب والبعيد، ليحتلوا أرضنا ويقيمون فيها تجمعاً إرهابياً موصوفاً... ناهيك بغزوتهم المجرمة لمواقع الجيش ذلك الثاني من آب المشؤوم، ثم اختطافهم جنوداً من ​الجيش اللبناني​ وممارسة أشنع انواع الإعتداءات عليهم...

وإذ نكرر موقفنا الداعي الى استنفاد آخر محاولات التوصل الى المفاوضات التي نأمل أن تكون مؤثرة ومنتجة أي إخراجهم من دون معارك، فإننا في الوقت ذاته نصرّ على تنظيف الجرود من هذه الشراذم الإرهابية المرتزقة... ونحن على ثقة مطلقة بأننا واصلون الى هذه الحتمية. وأمّا التوقيت فليس شأننا ولا يجب أن يكون.

لذلك نرى أن يكف «المبصرون» والضاربون بالرمل والمنجّمون المستعجل منهم والمتريّث، عن ضرب المواعيد... ولنتعلّم أنّ القضايا المصيرية لا تعالج بالخفّة أو وفق الأمنيات الخاصة والشخصية.

ويبقى ما لا بدّ منه في الظرف المصيري وحتى في الظرف العادي، ألا وهو الإلتفاف حول جيشنا، وعدم «المزايدة» أو «المناقصة» على هذا الجيش البطل.