بعدما كان من المقرر أن يشارك في قداس عيد ​سيدة التلة​ في ​دير القمر​ قبل ظهر الأحد الفائت، وبعدما وضعت له كلمة على جدول إحتفال ذكرى ​مصالحة الجبل​ الذي أقيم بعد الظهر في قصر المير أمين، قرر رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ النائب ​وليد جنبلاط​ في اللحظات الأخيرة عدم الحضور شخصياً وكلّف نجله تيمور تمثيله في القداس والنائب مروان حماده بإلقاء كلمته في إحتفال المير أمين. أوساط الحزب الإشتراكي سارعت الى تسريب معلومة مفادها أن غياب جنبلاط المفاجئ عن المناسبتين جاء لأسباب صحية، لكن المصادر المتابعة تؤكد أن الزعيم الدرزي، تعمّد عدم حضور القداس، وكذلك ذكرى المصالحة تجنّباً لعدم إصطفافه كطرف درزي وازن مع فريق مسيحي ضد آخر، مع ​التيار الوطني الحر​ ضد ​القوات اللبنانية​ أو العكس. وفي تفسير أوضح لقرار جنبلاط، تفيد المعلومات بأن رئيس ​اللقاء الديمقراطي​ كان على علم مسبق بالتوتر العوني–القواتي الذي بدأ بإمتعاض التيار من الطريقة التي وجهت فيها القوات دعوات إحتفال ذكرى المصالحة الذي أقيم برعاية نائبها ​جورج عدوان​، مروراً بعملية إنزال صور رئيس الجمهورية من دير القمر من قبل موظفين وأعضاء بلديين محسوبين على عدوان ما فرض تدخل ​القصر الجمهوري​ لإعادة الأمور الى نصابها، وصولاً الى إعلان التيار مقاطعته لإحتفالية المير أمين، وإعتذار رئيس الجمهورية عن حضورها بحجة مواعيد مسبقة قد إرتبط بها في القصر الجمهوري قبل أن توجه الدعوة اليه. كلها رسائل رصدها النائب جنبلاط وحللها كي يصل في نهاية قراءته الى المعادلة التالية:

من غير اللائق أن يغيب عن قداس دير القمر الذي يحضره رئيس الجمهورية ويترأسه البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، ثم يعود ويلقي كلمة بعد الظهر في إحتفال ذكرى المصالحة الذي ترعاه القوات ويغيب عنه الرئيس وتياره والأحرار و​الكتائب​ والمير ​طلال أرسلان​.

كذلك من غير المستحبّ قبل ​الإنتخابات النيابية​ أن يحضر جنبلاط قداس دير القمر ثم يغيب عن إحتفال ذكرى المصالحة في ​بيت الدين​ الذي يحمل عنوان "ويبقى الجبل"، ويقام برعاية فريق سياسي أي القوات، قد يكون حليفاً له في الإنتخابات.

لكل ما تقدم، ولعدم الإحراج والخروج عن اللياقات والبروتوكول، فضّل جنبلاط عدم حضور المناسبتين، وما المعلومات المسرّبة عن سبب صحي منعه عن الحضور إلا لتبرير الغياب بأقل أضرار سياسية ممكنة والدليل، كيف أنه عرّج ظهر الأحد، أي في اليوم ذاته الذي قيل إنه سيغيب لأسباب صحية، ولعشر دقائق فقط، على مطرانية بيت الدين حيث أقيم غداء دعا اليه راعي الأبرشية المطران مارون عمار وشارك فيه البطريرك الراعي وتيمور مع نواب المنطقة وفعاليتها.

في ذكرى مصالحة الجبل، وقف جنبلاط على الحياد بين التيار والقوات، فهل يصمد حياده هذا حتى الإنتخابات النيابية المقبلة، أم أنه سيضطر في لحظة مفصلية مبكرة الى إختيار حليفه المسيحي في دائرة ​الشوف​ وعاليه وعندها يكون خلافه مع الفريق الآخر قد وقع؟.