اعتبر الخبير المالي و​الاقتصاد​ي ​وليد أبو سليمان​ ان أهمية اللقاء الاقتصادي الّذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، تكمن في استمرار الحوار بين القوى الاقتصادية التي تشكل عصب الاقتصاد الوطني من جهة، وبين الجهات الرسمية، في ضوء المخاطر المالية والاقتصادية التي تبيّنت من جراء اقرار السلسلة كما أتت في القانون، لا سيما وأنّ هناك الكثير من الأطراف المعترضة عليها، لافتا الى انّه "كان لا بدّ من جولة جديدة من النقاش وهذا ما أراده رئيس الجمهورية من باب التوصل الى صيغة مشتركة ترضي كل الأطراف".

ورجّح أبو سليمان في حديث لـ"النشرة" أن يكون قرار رئيس الجمهورية "في ضوء النقاشات التي حصلت، مع العلم أن رعايته للحوار تعكس حرصه على حصول هذا التفاهم والحؤول دون وقوع أي خضة اقتصادية ومالية، رجّح أن يمارس صلاحيته في ضوء هذا الحرص". وأضاف: "هو أراد تسليط الضوء على الشوائب التي ظهرت في قانون السلسلة، سواء في ما يتصل صندوق ​تقاعد​ القضاة أو متقاعدي ​المؤسسة العسكرية​، كما يسعى الى ​الموازنة​ بين طبقات المجتمع وتكريس العدالة الاجتماعية لتكون السلسلة عادلة بين مستحقيها. ونحن نثمّن هذه الخطوة من جانب رئيس الجمهورية الذي لمس دقّة الوضع وأخذ على عاتقه هذه المهمة".

خطورة في قيمة الواردات

وردا على سؤال عن الخيارات الاقتصادية والقانونية المتاحة للتعامل مع قانون السلسلة، وعمّا اذا كان يشكل خطرا على الاقتصاد، قال أبو سليمان: "بعيداً عن التهويل من المخاطر التي قد تثيرها السلسلة، ولكن من الضروري الإشارة الى بعض الخطوات التي من شأنها المساهمة في التخفيف من هذه المخاطر، وأبرزها تكبير حجر الاقتصاد بنسبة 1% ما قد يساعد على تأمين أكثر من مئة مليون ​دولار​، والحدّ من الهدر قد يؤدّي الى توفير أيضاً أكثر من مئة مليون دولار، ضبط التفلّت الضريبي الذي يؤمن أكثر من 300 مليون دولار... وغيرها من الإيرادات غير الضرائبية، التي قد تؤمن مدخولاً كبيراً من دون أن تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة".

وأوضح ان "الخطورة تكمن في قيمة الواردات المقدّرة، والتي لا تزال غامضة، كضريبة العقود العقاريّة في ظل الركود في القطاع، والازدواجية الضرائبيّة"، معتبرا أن "المشكلة هي في النفقات الجارية لأن ايراداتها غير مضمونة... من هنا هاجس الرئيس ودعوته الى ​طاولة الحوار​ لمواجهة هذه الهواجس والاجابة عليها بشكل عملي قبل اتخاذ قراره النهائي".

التراجع عن عزل ​لبنان

وعن التحذير الذي أطلقه وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ بوقت سابق من تعرض لبنان لعزلة دولية، أشار أبو سليمان الى أنّه "لا بدّ من الإشارة أولاً الى أن ما تتعرض له المنطقة من صراعات دمويّة هو خطر بحد ذاته يلاحق كل دول المنطقة، وقد نجح لبنان في تحصين موقعه من خلال التفاهم الداخلي الذي جنبنا خضات مالية واقتصادية، فيما تمكن ​الجيش​ و​الأجهزة الأمنية​ من تجنيب لبنان خضّات أمنية كبيرة بفعل المناعة الداخلية التي يعكسها التفاهم والاستقرار السياسي".

ورأى أنّه "اذا كان احتمال تعرض لبنان لعزلة خليجية بالتحديد، مطروحاً في ضوء تهديدات بعض ​دول الخليج​، فإن تماسك السلطة السياسية بقيادة رئيس الجمهورية الذي يحرص على تمتين التفاهم الداخلي، من شأنه أن يساعدنا على تخطي هذه المخاطر اذا ما وقعت". وأضاف: "كما لا بدّ من التأكيد أنه بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى ​واشنطن​، يبدو أن ​الادارة الأميركية​ التي تهدد بفرض عقوبات على بعض اللبنانيين، تحسّست دقة الوضع الداخلي ومن المرجح أن يكون جرى التراجع عن قرار عزل لبنان".

لبنان الآمن وداعش

وتطرق أبو سليمان لمعركة الجيش المرتقبة بوجه داعش، لافتا الى ان "تقدير أكلاف المعركة بالوقت والعتاد بوجه داعش يبقى ملك المؤسسة العسكرية لأنها صاحبة الشأن والخبرة في ذلك، مع العلم أن الجيش أثبت عن حكمته في التعامل مع هذه المعركة حين منح لنفسه الوقت والقدرة على التحكم بتفاصيلها وتكتيكها وفقا لحساباته العسكرية". وأضاف: "لكن الأكيد هو أن الجيش صار جاهزاً للمعركة بعدما درس وراجع كل خطواتها، لاسيما وأنه يتمتع بالكفاءة البشرية كما العتاد والأسلحة التي تسمح له بخوض المعركة والتفوق سريعاً على العدو بدليل أن الضربات الجوية التي وجهها خلال الأيام الماضية كانت دقيقة وأصابت الهدف".

واعتبر ان حسم المعركة بوجه "داعش"، "لا يجعل لبنان آمناً بالمطلق، لكن الخطر سيكون أقل بطبيعة الحال"، لافتا الى ان "​الإرهاب​ آفة لا يمكن اقتلاعها بسهولة بدليل أن كل دول العالم تحت هذا الخطر وتواجه كل يوم اعتداءات ارهابية، مع العلم أن لبنان كان الأسرع والأكثر فعالية في التصدّي وكشف الخلايا الارهابية بفضل نشاط الأجهزة الأمنية".