لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى انه "رغم الرفض الذي تواجهه من قبل قوى سياسية فاعلة في الساحة ​العراق​ية، تصر ميليشيات "​الحشد الشعبي​" على المشاركة في المعركة التي انطلقت أمس لاستعادة مدينة تلعفر، غربي ​الموصل​، حيث تعد تلعفر واحدة من الساحات التي سيتم فيها خوض معركة كبرى، وإن لم تكن الأخيرة، ضد التنظيم الذي خسر كثيراً مما كان يقع تحت يديه منذ بدء معركة اقتلاعه قبل أشهر من قبل قوات ​الجيش العراقي​، المدعومة من ​التحالف الدولي​".

وأشارت إلى أن "الناطق باسم ميليشيات "الحشد الشعبي" ​أحمد الأسدي​ يرى أن مشاركة الحشد في معركة تلعفر ستكون فاعلة، رغم معارضة بعض الأطراف السياسية، ورغم التأكيدات الرسمية بأن أي دور للميليشيات سيكون محدوداً، وأن هذه المشاركة ستنحصر في مهام محددة تتعلق بمناطق محيطة بتلعفر، بينما سيكون اقتحام المركز منوطاً بقوات ​مكافحة الإرهاب​ والرد السريع"، لافتةً إلى ان "المراقبين لا يستغربون للأوضاع في العراق إصرار ميليشيات "الحشد الشعبي" بالمشاركة الحاسمة في معركة تلعفر وما بعدها؛ لأنها تتسق مع خططها للاستيلاء على الجيش العراقي، وبالتالي تحويل دوره ووظيفته إلى ما يشبه دور ووظيفة الحرس الثوري في ​إيران​، خاصة بعد أن تم إدماج الميليشيات في قوام الجيش واعتبارها جزءاً منه؛ إذ إن القرار الذي صادق عليه ​مجلس النواب العراقي​ في تشرين الثاني العام الماضي منح «الحشد الشعبي» صفة قانونية لا تختلف عن قانونية وجود الجيش نفسه".

وأفادت أن "هناك رغبة لدى بعض الأطراف السياسية في العراق في تغيير بنية الجيش، الذي كان يتمتع في الماضي بمعايير أمنية وتراتبية واضحة، إضافة إلى معايير الإمرة والتخصص مثله مثل كل جيوش العالم، إلا أن المعركة التي تدور حالياً ضد تنظيم «داعش» تبدو على مشارفها النهائية؛ لذلك هناك مساع لضم "الحشد الشعبي" إلى الجيش ليتحول إلى ميليشيا تديرها إيران، أو على الأقل تحاكي تجربة الحرس الثوري فيها"، مشيرةً إلى أنه "يمكن القول اليوم، إن ما يجري يعد إعادة تأكيد على اتجاه تقوم به إيران في العراق بتحويل الجيش إلى قوة تابعة لها، بحيث يكون خارج أي قيود تقيده، لا علاقة له بالتراتبية العسكرية ولا بالطابع الوطني ولا بأن يكون ممثلاً لكل الأطراف ولكل المناطق والتوجهات والطوائف، وهذا الأمر تسعى ميليشيات "الحشد الشعبي" للحصول عليه من وراء إصرارها على خوض المعركة في تلعفر وغيرها من المدن، بحيث تتحول الكلمة الأولى ل«الحشد» لا للجيش، للميليشيات لا للقوات النظامية".

وتابعت "من الواضح أن عملية استنساخ تجربة ​الحرس الثوري الإيراني​ تسير وفق خطة دأبت ميليشيات "الحشد الشعبي"على اتباعها منذ سنوات؛ لكنها حصلت على تشريع قانوني، والمعني به قرار مجلس النواب عام 2016، الذي منحها الحماية من أية مساءلة، فميليشيات "الحشد الشعبي" بدأت تدريجياً تأخذ مكانة الجيش العراقي الذي نعرفه، وتمارس وظائفه العسكرية، وتعمل على احتوائه من الداخل، قبل التهامه بشكل كامل، ليتحول إلى نسخة ثانية من الحرس الثوري في إيران".