لاحظت مصادر نيابية وسياسية ان جلسة المناقشة العامة التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي أبرزت بوضوح العلاقة القائمة بين رؤساء الجمهوريّة ​ميشال عون​ ومجلس النوّاب ​نبيه بري​ والحكومة ​سعد الحريري​، والدور المميز الذي لا يزال الامين العام ل​حزب الله​ السيد حين نصرالله يلعبه للحيلولة دون انهيار التفاهم السياسي القائم، والذي يشكل الدعامة الاساسية لبقاء هذه الحكومة حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في أيار من العام 2018 .

ورأت هذه المصادر ان الامر لا يحتاج الى منجّم او عالم رياضيات ليؤكد ان العلاقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، ليست بالمستوى المطلوب للوقوف الى جانب العهد، كما حصل مع عهد ​ميشال سليمان​، وحكومة ​تمام سلام​ .

واوردت المصادر عدة أمثلة على هذا الواقع الذي تعيشه الحياة السياسية اللبنانية اليوم، مشيرة الى ان المعلومات المتوفرة لديها تؤكد ان بري لم يتشاور لا مع مع رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة حول تحديد موعد المناقشة العامة والتي حدّدها بيومين الثلاثاء والاربعاء، بل على العكس، حددها في الوقت الذي كانت المعطيات المتوفرة والتي وصلت الى ​عين التينة​ تشير الى وجود تفاهم بين عون والحريري على ان تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء في ​بيت الدين​ يوم الاربعاء .

وقالت المصادر انه قبل هذه الجلسة وبعد اقرار قانون ​سلسلة الرتب والرواتب​ حصل ما حصل من سجال خفي بين الرئاستين الاولى والثانية حول امور عدة، أولها ان عون كان يفضّل اقرار ​الموازنة​ قبل السلسلة، والسجال الحاد الذي حصل في مجلس الوزراء على خلفية اعتراض وزير المال علي حسن خليل على تقرير حول الاوضاع الاقتصادية للبلاد وُزِّع في الجلسة دون ان توضع نسخة منه مسبقا في تصرف وزير المالية، وما تبعه من حوار أدى في النهاية الى تفاهمات تقضي بتعديل بعض المواد الضريبية، والمباشرة بوضع مسودة القوانين المعجلة المكررة في هذا السياق، تمهيدا لاقرارها في مجلس النواب مقابل توقيع رئيس الجمهورية على قانون السلسلة، وتشديد وزير المال في كلمة له قبل توقيع رئيس البلاد بأن السلسلة ستوقع عاجلا ام آجلا.

ولفتت المصادر الى ان السلسلة وقعت وبدأ تنفيذ القانون، لكن عقد جلسة تشريعية لتعديل القوانين التي تم التوافق حولها يجب ان تحصل قبل نهاية شهر آب الجاري، لان مرسوم الدورة الاستثنائية ينتهي مفعوله بنهاية هذا الشهر، وهذا لم يعد ممكنا، بعد اعلان رئيس المجلس إثر انتهاء جلسة المناقشة ان لا جلسات الا بعد عطلة ​عيد الأضحى​ .

وكانت لافتة مداخلة برّي التي وجه فيها كلامه الى رئيس ​لجنة المال والموازنة​ النائب ​ابراهيم كنعان​ عضو كتلة التغيير والإصلاح الذي جهد كثيرا في سبيل التسريع في انجاز مشروع ​قانون الموازنة​.

ولم يغِب عن بال المصادر تجاهل رئيس المجلس في افتتاح جلسة المناقشة عدم إشادته بالقرار السياسي الذي اتخذته السلطة التنفيذية في تأمين الغطاء السياسي وكل ما يحتاجه الجيش لمعركته ضد الارهاب، وان كانت جميع المداخلات النيابية ايدت وأشادت بالجيش، وان كان البعض ربط استكمال هذا الإنجاز بضرورة عدم تقاعس الحكومة بتثبيت هذه الانتصارات من خلال أداء جيد ومكمّل لما تقوم به القوات المسلحة.

وكان باديا حسب المصادر نفسها ان الانتقادات التي وجهت للحكومة من معظم ​الكتل النيابية​، حتى المشاركة فيها، ان مثل هذا الأداء يعكس رغبة في كواليس هذا المجلس بان ينأى بنفسه عن الإقرار الواضح بإنجازات العهد وحكومته .

وأظهرت جلسة المناقشة ضعف أداء المؤيدين للحكومة ورئيسها سعد الحريري حتى من قبل فريقه النيابي، حيث لم يكن هناك كلمة لرئيس ​كتلة المستقبل​ النيابية ​فؤاد السنيورة​ يردّ فيها ولو من باب اللياقة على الهجوم الذي شنّه نواب في المعارضة والموالاة على سعد الحريري شخصيا وعلى حكومته .

وعكست الجلسة مواقف نواب ​كتلة الوفاء للمقاومة​ حيث اوحت كلماتهم بوجود تنسيق مدروس دافعوا فيها عن مقاومتهم مؤكدين على بعض انجازاتها، مصوّبين في الوقت ذاته على مطالبهم المناطقية دون التنازل عن أيّ من ثوابتهم، ولكن دون استفزاز اي مكون من مكونات هذا المجلس .

وأملت المصادر ألاّ يكون هناك بعد مرحلة تحرير ​جرود القاع​ و​رأس بعلبك​ من قبل ​الجيش اللبناني​، سجالات عقيمة يحاول فيها بعض الافرقاء تعكير هذا الانتصار، والتقليل من دور رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء في هذا السياق، مشددة على ان تبادر الحكومة الى تعزيز صفوفها، بالرغم من اعتراف القيّمين عليها بأن تجربة الأشهر الماضية اثبتت ان خيار بعض الوزراء لم يكن موفقا .