ترتفع وتيرة المطالبة بالتنسيق مع ​سوريا​ على وقع زيارات جديدة الى دمشق لعدد من الوزراء من الذين كانوا زاروها مؤخراً، وتأخذ هذه الدعوة منحى تصاعديا في ظل كلام امين عام ​حزب الله​ السيد حسن نصرالله الذي شدد على هذا الامر الذي ربطه بجوانب متعددة، ولاقى هذا الموقف اعتراضا لدى عدد من القوى الرافضة لهذا المسار الهادف لتطبيع الامر مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

ولا تبدو القوى الحكومية او السياسية الرافضة لمسار التنسيق مع سوريا قادرة على فرملة هذه الاندفاعة، كما ان رهانها على تدخل رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ لتعليق هذا الموضوع اي تجميده كملف خلافي سقط بعد البيان الاسبوعي الاخير ل​تكتل التغيير والإصلاح​ الذي شجع على التنسيق مع سوريا نظرا لايجابياته في مختلف المجالات.

ولا تبدو القوى الحكومية المعارضة قادرة حتى على إبطاء هذا الواقع في المجالات ذات الطابع غير العسكري، اذا ما كان التنسيق في هذا الحقل دونه عقبات بعضها مرتبط برفض ​واشنطن​ لهذا التنسيق مع كل من ​الجيش السوري​ وحزب الله ،فان القرار حسب اوساط الممانعة هو بتزخيم هذه الزيارات لتشمل وزراء ونواب وسياسيين في محور 8 اذار لتعطي وقعها ونتائجها لدى الجانب الغربي والخليجي، بان الاسد بات في واقع قوي ويمسك من جديد بالورقة اللبنانية والدليل على ذلك التواجد السياسي اللبناني في دمشق للتنسيق في عدة ملفات ذات طابع مشترك.

ولا تسلم اوساط الممانعة بمنطق القوى الرافضة للتنسيق مع سوريا لناحية الفصل بين الواقعين اللبناني والسوري، فهي لا تزال على قناعتها بان التحديات التي تواجه البلدين متداخلة وكذلك الاستراتيجية هي موحدة تجاه المخاطر، وان كل من رئيس الحكومة الرئيس ​سعد الحريري​ ورئيس حزب ​القوات اللبنانية​ الدكتور سمير جعجع يتعايشان مع حزب الله الذي يقاتل في سوريا داخل هذه الحكومة وعليهما اما اقناع الوزراء الراغبين بزيارة دمشق لتأمين مصلحة اللبنانيين بعدم الذهاب اليها، ام ترك الحكومة والاستقالة منها انسجاما مع قناعتهما.

لكن الحريري حسب أوساطه لا يريد ان يدخل البلاد في ازمة يهتز الاستقرار نتيجة اعتراضه على هذه الزيارات ولا هو يريد ان يقابل هذه الخطوة بردة ،لانه اتخذ القرار بعدم التصادم مع حزب الله حول الملف السوري طالما ان خطواته ذات بعد إقليمي وتتخطى قدرات لبنان على تحملها، بحيث دخل المعادلة الدولية العسكرية الى جانب ​روسيا​ وغير دول تتخذ من سوريا حلبة لنفوذها، واشارت اوساطه الى ان ورقة تطويق حزب الله تتوفر بقرار دولي اثر تفاهم على دوره السياسي ومستقبل سلاحه في منطقة تستيقظ كل صباح على تطور محوري جديد يمنع الحكومة من رسم استراتيجية داخلية لتحسين الاقتصاد وتعزيز الاستقرار،ام يتأمن تطويق حزب الله نتيجة تدرج العقوبات الاميركية والتي ستعود لتشمل ​ايران​ وتحمل بذلك ترددات على تمددها في المنطقة انحسارا لحضور القوى الدائرة في فلكها اسوة بحزب الله.

وقد طالب عدد من الذين التقوا الوزير السعودي ​ثامر السبهان​ بإعادة الهبة السعودية للجيش اللبناني بعدما تبين بانه قادر على تنفيذ مهامه ،في خطوة تهدف وفق حساباتهم لتعزيز قوة ​المؤسسة العسكرية​ لاعتبارهم ان هذا العامل يفرض بذاته على حضور ودور حزب الله العسكريين، فيؤدي الامر الى انحساره في المعادلة طالما ان نفوذه السياسي وقوته نابعة من قدراته العسكرية.

اما حيال الولايات المتحدة الاميركية المستنفرة ضد اي تنسيق بين ​الجيش اللبناني​ وبين الجيش السوري وحزب الله، ينحصر دورها حاليا في التحذير من هذا الواقع لان حصوله سينعكس حكما على تراجع حجم المساعدات الاميركية الى المؤسسة العسكرية، وان محور اهتمامها وفق اوساط غربية لا يزال يتوزع بين ترقب واقع حزب الله سياسيا وعسكريا وتأثيره في المعادلة المناطقية وبين دور الجيش اللبناني الذي تؤمن له الدعم.

وفي قناعة الاوساط بان ​الادارة الاميركية​ لا تتوقع ان يدور لبنان في فلكها، لكنها راضية على التنوع السياسي القائم وهي تجد بانها غير خاسرة في ظل وجود قوى سياسية تتناغم مع المنظومة الدولية، لكن بعيدا عن «هيمنة» حزب الله على القرار اللبناني لا تستطيع واشنطن ان تتعاطى مع هذه الدولة كما هو الامر مع دول تدور كليا في محورها اسوة بجمهورية مصر او غيرها، اذ حتى حينه لا تتوقف الادارة الاميركية عن إنعاش لبنان ومده بالدعم حيث يأتي استقبال الرئيس ​دونالد ترامب​ لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري للتأكيد على اهتمامه بهذه الدولة ولا سيما القوى المعارضة للاسد، بالتزامن مع انتعاش الرئيس السوري الذي بدا مؤخراً، لكي لا يبدو هذا الفريق المعارض متروكا على وقع هذه التطورات السورية.