فيما يوشك الجيش السوري على رفع الحصار الذي تفرضه "داعش" على دير الزُّور، ليواصل مسيرته التي دامت سنوات لاسترداد المدينة كمقدمة لاستعادة المقاطعة بكاملها، من المرتقب ان يركّز في مرحلة ثانية على حقول "العمر" الغنية بالنفط، والتي تشكل 50 في المئة من الانتاج السوري، والتي تقع الى الشمال من نهر الفرات بين مدينتي الميادين والبوكمال .

وستكون استعادة هذه الآبار برأي المتابعين لسير المعارك في ​سوريا​، هامة في مساعدة الرئيس السوري بشار الاسد على تأمين الولاء من قبائل المنطقة، ومن المنطقي ان تتقدم قوات النظام الى الحدود العراقية وتنضم الى الميليشيات الشيعية في نقطة التقاء في جبال سنجار الجنوبية.

ورأت مصادر سياسية تدور في فلك الدول الممانعة ان هذه التطورات وما سيتبعها في الايام القليلة القادمة، تؤكد حصول متغيرات جذرية في الواقع السوري، على مستوى المشروع السياسي الذي كان هدفه تجزئة سوريا وحصار وضرب ​حزب الله​ .

واعتبرت هذه المصادر ان استهداف ​ايران​ والحزب سقط سياسيا، خصوصًا وان ​الادارة الاميركية​ الجديدة في حالة اهتزاز في ما يتعلق بقرارها السياسي .

واشارت هذه المصادر الى ان عوامل عدة ساهمت في إسقاط مشروع القضاء على النظام السوري، منها ان "النصرة" وكذلك "داعش" ليسا مشروعا مستقلا بل هما أدوات، وعندما فشل المشروع تقرر القضاء على هذه الأدوات .

ولفتت المصادر نفسها الى ان تماسك وصمود القيادة السورية، حيث لم يحصل انشقاقات تذكر، على المستويين السياسي والعسكري، اضافة الى الدعم الاقتصادي الإيراني لسوريا والذي يُقَدَّر بمليارات الدولارات، ودخول حزب الله الى المعركة حاميا العاصمة دمشق من السقوط، جعلت الروس في وقت لاحق يبنون على هذا الصمود ليدخلوا المعركة لصالح النظام .

وتعتقد المصادر انه عمليا وفي ضوء التطورات السورية الاخيرة، وانعكاساتها على لبنان، لا يستطيع احد اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وان التصريحات اللبنانيّة الداخلية التي توالت بعد معركتي "​فجر الجرود​" و"ان عدتم عدنا"، تبقى في اطار حسابات محلية، لا سيّما انه لا توجد قيادات لبنانية تستطيع تغيير معطيات قائمة إن في الداخل أو في الخارج، باستثناء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله .

واضافت المصادر ان قرار رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ في تغطية الجيش، والذي لم تتخذه أيّ سلطة سياسية من قبل، بدّل في الوقائع، ما جعل الجرود آمنة ومحميّة .

وأملت المصادر نفسها ان يحصل تحقيق جدّي في ملف العسكريين الذين خطفهم "داعش"، كما يرغب الرئيس ميشال عون في ذلك، لا ان يحصل تسويات، وتتم تغطية المقصرين، لأنّ ذلك سيكون ضربة موجعة للعهد، وسينال من هيبة الدولة .

وتمنّت المصادر ان يقوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لمواكبة التحقيقات القضائية والعسكرية، بدل أن نغض الطرف عن مجريات تلك الفترة .

كما تمنّت المصادر ان تكون المرحلة المقبلة، (بالرغم من ان اللبنانيين اعتادوا على عدم عقد امآل كثيرة)، مرحلة تحرير المواطن اللبناني من الفساد ووضع سياسية اقتصادية ومعيشية واجتماعية، خصوصًا وان الخطوة السياديّة الاولى قد اتخذها العماد ميشال عون، وانه يجب ان تتبعها خطوات مماثلة على الصعيد الداخلي .

وترى المصادر في هذا الإطار انه يجب على قيادة التيار الوطني الحر، ان تعقد خلوة تطرح فيها كل المراحل التي مرَّ فيها العهد منذ وصول عون الى الرئاسة، وتقييم النتائج ومعالجة الثغرات، كما وجب على حزب الله ان يكون الرافع للدولة في مكافحة الفساد وان تكون له مساهمة إيجابية في هذا المجال مع باقي القوى السياسية، وان غير ذلك من الخطوات الفاشلة ستضيع الانتصارات التي حققها الجيش اللبناني وقرارات رئيس الجمهورية الجريئة .