لفتت أوساط معارضة سورية التَقت المفاوض الدولي ستيفان دي ميستورا الى ان "الاخير متفاءل بنضوج حلٍّ نهائي في فترة أشهر"، مؤكّدة أنّ "المناخ الدولي بات جاهزاً لمثل هذا الحلّ الذي لن يكون دائماً وثابتاً ما لم تفِ القوى الدولية بتعهّداتها".

واشارت لـ"الجمهورية" الى ان "دي ميستورا يراهن على الدور الروسي لإقناع الرئيس السوري ​بشار الاسد​ بالاتفاق على حكم انتقالي برئاسته، يكون تعبيراً عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف دولي. هذه الإنتخابات يُصرّ دو ميستورا على إجرائها، ويعتقد أنّ الروس لن يمانعوا في إجرائها بحيث تشمل السوريّين داخل ​سوريا​ وخارجها (أربعة ملايين ناخب خارج سوريا) لأنّ تقديراتهم تتحدّث عن إمكانيّة فوز الاسد".

وتنقل المصادر عن دي ميستورا قوله إنّ "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يريد الغرق في الرمال السورية، لأنّه ابن التجربة السوفييتية في ​افغانستان​، ويُدرك تماماً أنّ الوضع الحالي هشّ ولا يمكن الركون اليه من دون اتفاق مضمون دولياً وإقليمياً، ومصلحته تقتضي إشراك المعارضة في الحكم، والاتفاق على توزيع مسؤوليات، والاعداد لانتخابات بإشراف دولي"، مشيرة الى ان "دوميستورا قام طوال تولّيه مهمّته برسم خريطة لأهداف وأجندات القوى الدولية والاقليمية في ​تركيا​، ولهذه القوى مصالح متضاربة، لكنّها لم تعد متباعدة، وكلّها ترى في تثبيت وقف ​إطلاق النار​ والانتقال الى عملية سياسية مصلحة تؤمّن ما تريده من أوراق ولهذا، فإنّ مجرّد استمرار الاستقرار الأمني بنسبة جيدة من النجاح يعني أنّ الفرصة أصبحت متاحة لتطوير الحل السوري".

واضافت: "دوميستورا أكد أنّ موعد سقوط ​الرقة​ و​دير الزور​ لن يتعدّى نهاية الشهر المقبل، فالرقة ستسقط بيد الأميركيّين وحلفائهم، فيما دير الزور ستسقط بيد الروس والإيرانيّين والنظام، وبذلك سيتسنّى للإدارة الاميركية من جهة ولبوتين من الجهة المقابلة، الاحتفاء بتحقيق هدف كبير بالانتصار على "داعش"، وهذا الانتصار يحتاجه كلّ من الأميركيّين والروس، كل منهم أمام شعبه، وهو يشكّل موعداً زمنياً إضافياً لإقلاع التسوية السورية"، مشيرة الى أن "دي ميستورا يركّز على ملف الاعمار في سوريا، الذي سيكون عاملاً اساسياً في ولادة التسوية، وهذا الملف لا تمتلكه ايران أو روسيا بل هو ورقة قوية في يد ​الدول المانحة​ ودول عربية مؤثرة، أبرزها السعودية التي تمثّل ​دول الخليج​، التي من دونها لن يكون هناك إعمار، باعتبار أنّ كلفة إعمار سوريا تناهز مئات مليارات الدولارات، والقرار بالبدء بها مرتبط بشكل التسوية وتوازنها، وملاءمتها لأجندات هذه الدول ورؤيتها لسوريا، في ظل الدورين الروسي والإيراني".

وتساءلت مصادر ​المعارضة السورية​ عن "المنحى الذي ستسلكه الامور في حال استمرَّ مسار الإعداد للتسوية النهائية، في ظلّ تشتّت المعارضة وتوزّعها على منصات متعددة لكل منها ارتباطاته بطرف إقليمي له حساباته"، ومتسائلة ايضاً عن "الموقف في حال وصلت الامور الى تخيير هذه المعارضات بين المشاركة مع الأسد في سلطة واحدة، او العزلة التي تعني اتخاذ خيار رفض التسوية، وعدم القبول بالحلّ الواقعي"، كاشفة أن "نقاشات عميقة تدور الآن، داخل المعارضة بين خياري القبول والرفض علماً أنّ لكل منهما نتائجه ورهاناته، ولا سيما أنّ دو ميستورا نفسه غير متأكد من أنّ النظام السوري بعد شعوره بأنه أفلت من الازمات الصعبة، وأنّه عبَر بدعم روسي وإيراني الى برّ الامان، لم يعد معنياً بما كان يقبل به قبل اختلال موازين القوى، ورجحان الكفة جغرافياً لصالحه".