تتميز ​طرابلس​ بعبق التاريخ في شوارعها واحيائها، ما بين الشاطىء ومناطقها الرابضة على تلة تعرف ب​أبي سمراء​، او تلة اخرى عرفت بقبة النصر. تشعر بتاريخها حين تزور قلعتها الاشهر بين القلاع والحصون فتقف على سطحها لتسافر بنظرك نحو الافق، الى مدينة ​الميناء​ والجزر الشهيرة المنثورة قبالة الشاطىء في مدينة الموج والافق...

تزدحم مدينة الميناء صيفا برواد كورنيشها البحري الممتد على مدى 7 كيلومترات ومن ضمنها برج (السباع) المملوكي الذي انشىء في اواسط القرن الخامس عشر لحماية الشاطىء من غزوات "الفرنجة" الذين استقروا في طرابلس بعد طردهم من الشام. وتعتبر مدينة الموج والافق مقصدا للسواح من كل المناطق الشمالية، حيث تشهد ازدحاما على كورنيشها الذي تميز مؤخرا بسلسلة المقاهي والمطاعم المطلة على البحر، كما يتميز بقوارب صيد السمك والزوارق السياحية التي تنتظر الزوار من كل مناطق لبنان لأجل جولة نحو الجزر المنتشرة قبالة المدينة، فيما بات مرفأها التاريخي معبرا تجاريا نحو العالم، وفي الآونة الاخيرة معبرا نحو تركيا في رحلتين اسبوعيا بين طرابلس وتركيا فينقل الركاب في زيارات متبادلة بين البلدين.

عندما تتجول على كورنيش الميناء تستوقفك لافتات تدعوك الى (نزهة بحرية) عبر مراكب اعدت خصيصا كي تبحر باتجاه جزر النخيل واليابسة والارانب، والتي تعتبر من اهم الجزر الطبيعية التي ما زالت على حالها.

كورنيش الميناء

يستقطب كورنيش الميناء فجر كل يوم الرياضيين وهواة رياضة المشي و​الدراجات الهوائية​ وغيرها من الرياضات، كما لا يخلو الشاطئ يوميا من صيادي الاسماك الذين يجتمعون مساء كل يوم عند اكوام الحجارة المتراكمة عند مدخل بوابة الميناء الاثري، ورغم التغييرات التي طرأت على هذا المدخل، الا ان تاريخ المدينة ما زال حاضرا بمزاراته الدينية، خصوصا مزار "عفان" الذي يرقد بين قصري رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​، ورغم ان المزار بات من ضمن ممتلكات القصرين الا ان المؤمنين يقصدونه للتبرك يوميا، ويستريحون في المقهى الشعبي القديم (عفان) والذي التصق اسمه بالمزار، حيث يُسمع صوت تلاطم موج البحر مع جدران المقهى. أما عند المساء يتحول كورنيش الميناء الى ساحة عرس كبير نتيجة الاضواء الصاخبة واصوات الموسيقى وصيحات الاطفال.

الأبراج والقلاع والجزر

لم تخل كتابات المؤرخين من ذكر لاهمية مدينة الميناء وما كان لها من ادوار مهمة عبر التاريخ فشبّه وضعها الجغرافي بـ"شبه جزيرة"، وحسب الدراسات انها كانت فيما مضى جزيرة تطفو على بحرها الجزر وتغطي احياءها.

في الميناء ابراج وقلاع تاريخية ومساجد وكنائس تدل على رمزية العيش بين الأديان، وكل المؤرخين ذكروا ان الصليبيين والبيزنطيين والمماليك والافرنجة عبروا الميناء نظرا لاهمية هذا الموقع الاستراتيجي والتجاري. كما تشهد خاناتها على اهمية موقعها، هذه الخانات التي كانت تعتبر في تلك الحقبة فنادق الغرباء وابرزها خان التماثيلي.

وتعتبر جزر النخيل التي تضم ثلاثة جزر هي (الارانب ورامكين وسنني) من اهم المحميات اللبنانية والتي تتميز بأنواع نباتاتها، وبطيورها النادرة خاصة وان في جزيرة الارانب آثار كنيسة صليبية تعود الى القرن الثالث ميلادي، وبقايا ملاحة تقليدية وبئر مياه عذبة وسميت بالارانب ايام الانتداب الفرنسي حين وضع فيها القنصل الفرنسي ارانب تناسلت وبقيت كذلك حتى اليوم.

تنشط السياحة نحو هذه الجزر صيف كل عام حيث ينتقل السواح عبر المراكب المنتشرة على الشاطىء لمدة ساعة نحو المحمية البيئية والسياحية المميزة اضافة الى الجزر الاخرى: البلان والرميلة والعشاق وعبد الوهاب، التي، جرى ربطها بالبر عبر جسر مشاة ينتقل اليها السواح عبره، واقيمت فيها حدائق جميلة وباتت مقصدا للسواح وسط البحر لسهولة الانتقال اليها عبر الجسر وباتت موقعا اقيمت فيه احتفالات فنية.

تاريخ كبير يسكن مدينة الميناء في طرابلس، عسى ان تحولها الدولة الى "متحف" عملاق يتعرف الناس من خلاله على تاريخ تلك البقعة الجغرافية القيّمة.

للاطلاع على ملف الصوراضغط هنا