في الوقت الذي ينتظر فيه العالم مصير الإستفتاء في ​إقليم كردستان​ العراق، الذي يواجه معارضة إقليمية ودولية واسعة، تختلف بين رفض المبدأ ورفض التوقيت، تنطلق اليوم إنتخابات الوحدات الصغيرة (الكومينات) في اقاليم "فيدرالية شمال سوريا" التي كان "مجلس سوريا الديمقراطية"، الجناح السياسي لـ"​قوات سوريا الديمقراطية​" العسكرية قد أعلن عنها، في حين يقترب موعد حسم ​معركة الرقة​ التي تخوضها تلك القوات بدعم من ​التحالف الدولي​ لمحاربة ​الإرهاب​، بالتزامن مع خلافات مع المحور السوري الإيراني الروسي، وصلت إلى حد تهديد وزارة الدفاع الروسيّة باستهدافها، بعد إطلاقها النار على ​الجيش السوري​ وحلفائه بسبب التداخل في مسرح عمليات دير الزور.

بعد الإنتهاء من هذه الإنتخابات، من المتوقع أن تحصل إنتخابات محلية (مجالس البلدات ومجالس النواحي ومجالس المناطق ومجالس المقاطعات) في 3 تشرين الثاني المقبل، وأخرى ل​مجلس النواب​ (مجالس الأقاليم ومؤتمر الشعوب الديمقراطي) في 19 كانون الثاني من العام المقبل، بهدف تشكيل الحكومة الأولى من نوعها، لإدارة الأقاليم الثلاثة التي تسيطر عليها، وهي الجزيرة والفرات وعفرين.

وبحسب اللائحة التنفيذية لقانون الإنتخاب، التي حصلت "النشرة" على نسخة منها، هناك العديد من أنواع المجالس التي تتألف منها "الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا"، وهي: الكومينات، مجالس البلدات، مجالس النواحي، مجالس المقاطعات، مجالس الأقاليم ومؤتمر الشعوب الديمقراطي. ويتم إنتخاب أعضاء تلك المجالس وفق التالي: 60% من ممثلي الشعب الذين يحددون بالانتخابات العامة التي يشارك فيها عموم الشعب، و40% من الممثلين المنتخبين وفق مبدأ الديمقراطية التوافقية من ضمن المكونات الأثنية والدينية والعقائدية والثقافية والاجتماعية، وذلك حسب الكثافة الديمغرافية لكل إقليم على أن تكون هذه النسبة "كوتا" انتخابية يختار اعضاؤها من المرشحين اللذين لم يحصلوا على النسبة المطلوبة في الانتخابات العامة وبشكل تسلسلي لكل مرشحي المكونات وبأعلى الأصوات.

بالنسبة إلى حق الإنتخاب، يتمتع به "كل مواطن من المواطنين السوريين من الجنسين الذين يتبع قيد نفوسهم إلى المناطق الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا وأتمّوا الثامنة عشر من عمرهم في اليوم الذي تجري فيه الانتخابات"، بالإضافة إلى الأشخاص المشمولين بعبارة "من في حكمهم" أي: مكتومي القيد، المجرّدين من الجنسيّة، كل مواطن سوري من مواطني مناطق الفيدراليّة نُقِل أو قام سابقاً بنقل قيده إلى خارج مناطق الفيدرالية، المقيم فيها لمدة أكثر من عشر سنوات بصفة دائمة ومتصلة ويتم إثبات ذلك بوثيقة رسمية من "الكومين" ومصادق عليه من قبل مكتب الإقامة في "الأسايش".

بالنسبة إلى طريقة الانتخاب والدوائر الانتخابية، سيتم اعتماد نظام الانتخاب بالقائمة الفردية والقائمة المغلقة، على أن يراعى تمثيل نسبة 50% للجنسين في كل القوائم المغلقة، في حين يعد كل إقليم دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لانتخاب ممثليه أعضاء في مؤتمر الشعوب الديمقراطي، الذي يتألف من 300 عضو، ويكون تمثيل كل إقليم حسب الكثافة السكانية، وهي على النحو التالي: 150 الجزيرة، 70 الفرات، 80 عفرين.

وسيتم إنتخاب أعضاء المجالس الفيدرالية على أساس الدائرة الانتخابية، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصصة لها، وتعد كل مقاطعة من أقاليم الفيدرالية دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لانتخاب ممثليها أعضاءً في مجلس الشعوب في الأقاليم، في حين تعد كل منطقة من مناطق المقاطعات في الفيدرالية دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لانتخاب ممثليها في مجالس المقاطعات، وتعد كل بلدة أو مدينة (مع القرى التابعة لها) دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لانتخاب ممثليه في مجالس النواحي أو المناطق.

وفي حين لا تعلق ​الحكومة السورية​ أي أهمية على هذه الإنتخابات، التي كان نائب وزير الخارجية السورية ​فيصل المقداد​ قد وصفها بـ"المزحة"، تؤكد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن الموقف السوري الرسمي لا يزال يُصر على رفض أي خطوات إنفصالية، ويعتبر أن الحل الأفضل لهذا الملف يكون من خلال قانون الإدارات المحلية، لكنها تشير إلى أن هذه الخطوة تحظى بمباركة من الجانب الأميركي، وتسعى من حيث المبدأ إلى فرض أمر واقع قبل الوصول إلى مرحلة بحث ​الأزمة السورية​ حول طاولة مفاوضات، لا سيما أن الأكراد باتوا قوة لا يمكن تجاوزها.

من جانبها، توضح رئيسة المجلس التأسيسي للنظام الفيدرالي في شمال سوريا هادية يوسف، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه الإنتخابات خطوة أولى للعبور الى بناء النظام الفيدرالي في شمال سوريا، وتشير إلى أنها تأكيد على مبدأ الديمقراطية ومشاركة جميع الشرائح في تشكيل المجالس.

وتشدد يوسف على أن هذه الفيدرالية جغرافية أي أنها جزء لا يتجزأ من سوريا وليست مشروعاً تقسيمياً، موضحة أنه بعد الإنتهاء من الأزمة السورية وتشكيل دولة ديمقراطية سوف يتم تحديد العلاقة مع المركز.

ورداً على سؤال حول المناطق التي حررت من قبل "قوات سوريا الديمقراطية" لكنها ليست جزءاً من الفيدرالية، توضح يوسف أنه عند إعلان المجلس التأسيسي لم تكن منبج قد تحررت ولم تكن معركة تحرير الرقة قد إنطلقت، لكنها تلفت إلى أن العقد الإجتماعي يفتح المجال أمام المناطق التي يتم تحريرها للإنضمام بناء على طلب يقدم منها.

بالنسبة إلى الموقف السوري الرسمي من هذه الإنتخابات، تلفت يوسف إلى أن الحكومة السورية ترفض التغيير الديمقراطي منذ البداية وتتمسك بالدولة المركزية، ولذلك من الطبيعي أن ترفضها، وترى أن إصرارها على النظام المركزي يعمق الأزمة، وتضيف: "ما نطرحه حلولاً سلمية ونحن لم نعلن التقسيم ومن حق الشعب أن يقرر مصيره الديمقراطي طالما يحافظ على وحدة سوريا".