منذ بداية الأحداث الداخلية بين مكونات المجتمع اللبناني من 7 ايار 2008 مروراً بأحداث ​طرابلس​ وسعدنايل و​تعلبايا​، ثم في ​عرسال​ والجرود الشرقية وإنتهاء بمعركة ​فجر الجرود​، ووحدات الجيش تستنزف يومياً في معارك داخلية نتيجة الخلافات السياسية والإنقسامات المذهبيّة بالإضافة الى إرتدادات ​الحرب السورية​ على الداخل اللبناني. لكن ما لا يعرفه إلا القليلون، هو ان الجيش ملتزم بالقرار رقم 1701 والقاضي بنشر عشرة آلاف جندي جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات ​الأمم المتحدة​ UNIFIL ، وقد تم “سحب” اكثر من نصف هذه القوّة تباعاً لنشرها في الداخل للحفاظ على الأمن والسلم الأهلي ولقتال ​الإرهاب​، وذلك بالتشاور والتنسيق مع قيادة القوات الدولية التي أبدت تفهماً وتعاوناً…

بعد معركة فجر الجرود وإنتصار الجيش وزوال خطر الإرهاب كقوة محتلة، دون ان يعني ذلك عدم وجود خطر القيام بعمليات ارهابية، عادت البوصلة الى الإتجاه الصحيح: الجنوب، حيث خطر العدو الإسرائيلي الدائم. وفق مصادر مطلعة، عمدت قيادة الجيش الى اعادة نشر أحد الألوية المقاتلة في الجنوب وسيعاد نشر وحدات أخرى ضمن خطة عملانية تقضي بتوفير أسس الدفاع المتين ضد العدوان الإسرائيلي المحتمل في أي لحظة، وقد جاءت زيارة قائد الجيش ​العماد جوزيف عون​ الى الجنوب ولقائه قائد القوات الدولية الجنرال ​مايكل بيري​، لتصب ضمن هذا الإطار، وهي “زيارة شكر للقوات الدولية لجهودها وتضحياتها في توفير الأمن في الجنوب، والبحث في الأوضاع على الحدود الجنوبية، وسبل تعزيز التعاون والتنسيق بين ​الجيش اللبناني​ والقوات الدولية ولترسيخ الاستقرار في المناطق الحدودية وتطبيق ​القرار 1701​ بمختلف مندرجاته.”

كما واشارت المصادر عينها على اهمية هذه الزيارة والرسائل المتبادلة وتعزيز التعاون المشترك عبر نشر قوى في منطقة العمليات لزيادة الإنتشار وتوفير الامن والإستقرار وتثبيت التعاون بين الجهتين وحماية الحدود الجنوبية.

البندقية في وجهتها الصحيحة: العدو الإسرائيلي، وقيادة الجيش واعية تماماً لهذه المهمة لكنها تحتاج دوماً الى الدعم المادي لتأمين أبسط مقومات الدفاع ضدّ عدو مزوّد بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة، ويمتلك قوة تدميرية هائلة.

وفق مصادر عسكريّة خاصة، الدفاع المتين يحتاج الى بنية تحتية من ثكنات وملاجئ ومخابئ للتموين ومستشفيات ميدانية وطرقات إمداد وإخلاء محمية ومموّهة، بالإضافة الى شبكة قيادة وسيطرة لا تتأثر بقوة العدو، الدفاع ضد عدو ك​الجيش الإسرائيلي​ يحتاج الى قوات خاصة مدرّبة ومجهزة جيداً وإلى منظومة دفاع جوي وسلاح مدفعية متحرك، وإلى تعاون تام بين كل السلطات المعنية بالدفاع، وكل ذلك يتطلب توفير الأموال اللازمة من أجل العتاد وبناء المنشآت وتطويع وتدريب القوى...

الدفاع يحتاج إلى موازنة ضخمة، فهل تستجيب السلطة السياسية لحاجات الجيش؟

العنصر الأساس في الحروب هو إرادة القتال، والعسكريون يمتلكون هذه الإرادة، وقد برزت جلياً في قتالهم العدو الإسرائيلي، وفي قضائهم على الإرهاب.

وهذا ما اشار اليه قائد الجيش العماد جوزاف عون بعد زيارته قيادة لواء المشاة الخامس ووحداته المنتشرة في منطقة الناقورة ومحيطها: “إن تهديدات العدوّ المستمرة ضدّ لبنان، لن ترهب الجيش ولن تثنيه عن أداء واجبه المقدّس في الدفاع عن أرضه وشعبه بكلّ الإمكانات والوسائل المتاحة ومهما بلغت التضحيات.”

الجيش اللبناني يقوم بواجبه على أكمل وجه، فهل ستقوم السلطة بواجبها؟