لا يمكن لمن يقرأ كلمات الطفل هادي صالح الا أن يتعاطف مع ما يكتبه، فكانت جملته الأولى "انا كان عندي سرطان بالدم، بلش معي من أول مشواري الدراسي، وصلت للموت ورجعت بمعجزة من ربنا بس يمكن بدي معجزة تانية ببلد متل ​لبنان​ لاقدر كفي تعليمي". هكذا انطلق هادي في رسالته الى وزير التربية ​مروان حمادة​ ليشكي له همه، حسبما يقول بعد أن وجد نفسه من دون مدرسة.

"فل المرض بس تركلي ترقق عضم وآثار جانبية كتيرة، السنة الماضية وقعت وكسرت فكي وتكسرو سناني بوقت الامتحانات، وما قدرت روح عالمدرسة منشان هيك مديرة مدرسة المعارف (مدام فاديا) في ​الفرزل​، قررت توضع حدّ لمشواري الدراسي ورفضت تسجلني بالمدرسة وقالت لأمي "روحي سجليه بمدرسة فيها ولاد متله". الرسالة تظهر في الصورة.

يكمن عمل الصحافي في التفتيش عن الحقيقة لا نقل الخبر فقط كما هو، خصوصا وأن ما نُشر على صفحة هادي على ​وسائل التواصل الاجتماعي​ قد يعني تدمير صورة "مدرسة الفرزل الرسمية المختلطة" لا "المعارف" كما ورد في المنشور بشكل مستغرب، وصورة مديرتها السيدة فاديا، لذلك قامت "النشرة" بالتواصل مع الأم، ايمان صالح، والمديرة، ومصدر تربوي بقاعي رفيع.

تقول والدة هادي صالح، ايمان صالح، ان ابنها وبسبب مرضه وعلاجاته وفحوصاته كان يتغيب عن المدرسة ويقصدها في كل وقت يمكّنه فيه جسده من ذلك، الا أن هادي الذي يعاني بسبب العلاجات من ترقق بالعظام وقع العام الماضي وكسر فكه وأسنانه، فغاب مجددا عن المدرسة، ولكنه عندما توجه نهاية ​العام الدراسي​ لإجراء الامتحانات قالت له المديرة "انت شو يلي جابك"؟. وتضيف الوالدة في حديث لـ"النشرة": "في احدى المرّات ذهبت للمدرسة استفسر عن هادي، فتحدثت مع معلمة اللغة الفرنسية التي قالت لي "ما بكفّي إبنك حمار، بيحكي بالصف وبيلهي رفقاتو".

لم ترضَ مديرة مدرسة الفرزل الرسمية تسجيل هادي هذا العام بحسب والدته، الّا أن الامر يختلف من وجهة نظر المديرة التي قالت بعد رفضها مرارا التحدث كونها موظفة رسمية: "الله ما عطاني اولاد ولكن عندي 240 ولد في المدرسة هم اولادي، وما كُتب افتراء ويمكن ان تسألوا جميع الاهل عني"، كاشفة في حديث لـ"النشرة" أن والدة هادي قالت بعد أن سألتها عن سبب ما قامت به بأن "المدرسة قوية كتير وما بدي شيل أولادي منها".

وتضيف المديرة: "لم ارفض تسجيل هادي في المدرسة، بل نصحت الأم بتغيير مدرسة ابنها لأن الطفل لا يدرس ولا يكتب ولا يمكنه مجاراة التلامذة بصفه، وهذا ما يجعله بحاجة لاختصاصي تربوي يُدرك كيفية التعاطي مع حالة صحية كحالته، اضافة لوضعه الذي يتطلب عناية خاصة غير متوافرة في مدرستنا، سائلة الرأي العام: "كيف لأم تتحدث عني بهذه الطريقة ان تسجّل ابنتها في صف الروضة في المدرسة عندي"؟.

ومن جانبه يكشف مصدر تربوي بقاعي في حديث لـ"النشرة" أن "العملية بدأت يوم أرادت ولية أمر الطفل اعادة تسجيل ابنها في المدرسة، وتسجيل ابنتها بالروضة الثانية ومن هنا يبدأ التناقض، اذ أنه اذا عرف الأهل أن المدير يعنّف الطلاب فكيف يحضرون طفلة لتسجيلها"؟، مشيرا الى ان وضع الطفل يتطلب رعاية خاصة، ولديه مشكلة بالتحرّك لان المرض ضرب عظامه، مع العلم أن المديرة كلّفت له أحد الأساتذة وقت "الفرصة" لمرافقته والاعتناء به خوفا من وقوعه".

ويضيف المصدر، "ان مسؤولية المديرة التربوية وحسّها الانساني، جعلاها تنصحان الوالدة بأن عليها ان تسجل هادي بمكان يُعنى بحالته فهو بحاجة لحاجات تربوية خاصة"، مشددا على أن المدرسة لم تُغلق عليه الباب او ترميه خارج التعليم كما قال أهله.

ويعلن المصدر أن "لا مانع من اعادة تسجيل هادي التزاما منا بتأمين مقعد دراسي لكل تلميذ"، كاشفا أن على الوالدة ازالة "البوست" والتوضيح والاعتذار بـ"بوست" اخر، مع احتفاظ ​وزارة التربية​ والمديرة بحقهما بالادعاء امام ​القضاء​ بتهمة القدح والذم والاساءة.

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكانا لهتك الاعراض والكرامات دون دليل، ولا يمكن محاسبة المواطنين الذين ينقلون ما يرونه امامهم دون التأكد من مضمونه، اذ من المستحيل ان نتحقق من كل معلومة، الا أن هذا لا يعني عدم محاولة الصحافيين التفتيش عن الحقائق دائما، وعرضها امام الرأي العام الذي يملك حق التعليق.