اشار المفتي ​الشيخ أحمد قبلان​ إلى "أننا ما تشهده الساحة الداخلية من سجالات في المواقف واجتهادات في الشروحات الدستورية، يوحي وكأن البلد بألف خير وموارده كثيرة، وقدراته كبيرة، والناس ينعمون برغد من العيش، ولا ينغّص حياتهم سوى هذا الفيض من البحبوحة التي أمّنتها هذه الدولة عبر هذه الطبقة السياسية التي لا يهدأ لها بال ولا تعرف الراحة، طالما هناك تقصير أو إهمال بحق المواطنين، فالكهرباء مؤمنة، والاقتصاد على خير ما يرام، والقطاع التربوي لا تشوبه شائبة وحقوق الناس محفوظة، والنمو الاقتصادي إلى تزايد، كأنه لا توجد مشكلة نازحين ولا قضية لاجئين ولا هدر ولا فساد ولا صفقات، ولا تعدٍّ على المال العام، بل كل الأمور مضبوطة وتحت السيطرة وضمن الأطر الطبيعية والقانونية ولا خوف على البلد وعلى مصيره أبداً، وقد نحسد على ما نحن فيه، فلماذا تضجون وتُضربون وتتظاهرون أيها اللبنانيون، وممن تطالبون ب​التغيير والإصلاح​، وأنتم برعاية طبقة سياسية ألفت النزاعات والخلافات، والصراع أصبح جزءاً أساسياً من عملها السياسي وباتت لا تتوافق ولا تتفق إلا على ما يخدم مصالحها ويحقق مكاسبها، ولو كان ذلك على حساب مصير البلد ومستقبل ناسه، غير آبهة بما قد يحصل، أبقيت الدولة أم انهارت، فالأمر سيّان عند البعض من هؤلاء السياسيين الذين على الرغم من كل هذه الأوضاع الاجتماعية والحياتية الصعبة والخدماتية السيئة، وكل هذا التخبط في الرؤى والسياسات العشوائية، نجدهم ممعنون في تغييب الدولة، وتهميش مؤسساتها، وغير معنيين بأمور الناس، بل مستمرون في سياسة الكيد والتحدي، متناسين أن الأمور قد وصلت إلى الخطوط الحمر، وأن ما يحيط بالبلد أخطر مما فيه، الأمر الذي يستدعي من الجميع، وقف كل هذه المماحكات والمكايدات والانكباب على ما ينقذ البلد، ويخلّص اللبنانيين من الذهنيات السياسية العفنة".

وأشار سماحته خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين(ع) في ​برج البراجنة​، إلى "أننا في ورطة على المستويات كافة، والبلد أمام تحديات داخلية وخارجية، والمفروض أن يتحمّل المعنيون مسؤولياتهم الوطنية، لا أن يستمروا في الجدليات العقيمة، وفي لعبة تسجيل النقاط، فكلّهم مقصّرون، والبلد مهدّد، وإنقاذه لا يكون إلا بالضمائر الحيّة، والتعاون الصادق للنهوض بقوّة لتأسيس وبناء مستقبل أفضل، ودولة أفعل، ومؤسسات تشرّع وتنفّذ، وهيئات تراقب وتحاسب وتخطّط".

وأضاف المفتي قبلان "واقعنا خطير، وما نحن فيه يؤشّر إلى مطبات كبرى، لاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وبخاصة في ​العراق​ و​سوريا​، لأن ما يجري في ​شمال العراق​ هو توطئة لما قد يجري في سوريا، وقد تنتقل عدواه إلى لبنان، إذا لم نكن جاهزين لصدّ وجبه الانعكاسات. من هنا، ندعو اللبنانيين جميعاً إلى الحذر الشديد والتنبه إلى المخاطر التي قد تنجم، وذلك باتخاذ الإجراءات العاجلة والسريعة التي تضبط الأمور وتضعها في نصابها الحقيقي والوطني، وتخرجنا من كل هذا الدوران في الحلقات المفرغة، والإسراع في بت المواضيع العالقة، وبالخصوص ​سلسلة الرتب والرواتب​، وضرورة تمويلها عن طريق خفض الانفاق، ومن حساب أصحاب الأموال والثروات، وبالخصوص المصارف و​الأملاك البحرية​، لأن من يستفيد أكثر عليه أن يدفع أكثر، وإقرار ​الموازنة​ من دون إبطاء، وكشف ما هو مستور في ما يسمى بـ"قطع الحساب"، ووضع نظام ضرائبي عادل وشامل لا يطال الفقراء وذوي الدخل المحدود، لأن أي إخلال بالأمن المجتمعي هو إخلال باستقرار البلد، وتقويض للسلم الأهلي، فإياكم ثم إياكم أن تتلاعبوا به أو تزعزعوه".

أما بخصوص ​إقليم كردستان​ الانفصالي، فقد أكّد المفتي قبلان رفضه، ودعا إلى مواجهته وإسقاطه كونه يشكّل تهديداً خطيراً لدول المنطقة، ويقدّم خدمة كبرى ل​إسرائيل​، وللقواعد العسكرية الأمريكية التجسسية التي لا وظيفة لها سوى تخريب ​الشرق الأوسط​، ونشر الفوضى فيه، وإقامة كيانات انفصالية على غرار الكيان الصهيوني.