يمكن اعتبار لقاء رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ برئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ورئيس ​اللقاء الديمقراطي​ النائب ​وليد جنبلاط​ عادياً لو جاء في غير هذا الظرف، ولكن أن يتم بعد غياب مدّة من الزمن وفي وقت كان "الجفاء" سيّد العلاقة بين الحريري وجنبلاط، وعلى أبواب إستحقاقات داهمة أهمها الجلسة التشريعية في مجلس النواب وعلى جدول أعمالها ​الموازنة​ فيستحق التوقف عنده.

"البعض غاص في مسألة لقاء الامس ليصوّر بري وكأنه أراد من خلال هذا اللقاء رعاية مصالحة بين الحريري وجنبلاط وهذا الامر مبالغ فيه، لأن التباعد بين الرجلين إنتهى منذ مدّة". هكذا يبدأ الكاتب والمحلل السياسي ​نبيل بو منصف​ حديثه عبر "النشرة" عن هذا اللقاء، مذكّراً "باللقاءات التي عقدت مؤخراً في ​بيت الوسط​ بين الحريري وجنبلاط والتي كسرت الجليد بين الطرفين". يذهب بو منصف أبعد في الموضوع، ويرى أن "الهدف من الإجتماع اضافة الى مناقشة الأمور الأساسية توجيه رسائل من الداخل والى الداخل، سعياً لتحصينه في الفترة المقبلة وترسيخ المسار القائم على التوافقات السياسية". بدوره الكاتب والمحلل السياسي ​طارق ابراهيم​ يعتبر عبر "النشرة" أن "بري يسعى للمحافظة على استقرار العلاقة بين الحريري وجنبلاط وكلما كان هذا الاستقرار قائما فإن ذلك ينعكس على الحكم ويؤثر على الوضع السياسي الداخلي".

لا يرى ابراهيم أن "بري من خلال الاجتماع الثلاثي الذي حصل يسعى لتشكيل "تكتّل" في مواجهة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ أو أي جهة سياسية أخرى"، لافتاً الى أنه "عندما يدعو الى إحياء العلاقات بين رموز ​الدولة اللبنانية​ لا يكون ذلك في اطار الخلافات مع الجهات الأخرى". هذا ما يؤكد عليه بو منصف، مشيراً الى أن "المستهدف ليس العهد، فالحريري شريك أساسي مع عون في هذه المرحلة وهو ليس في وارد المسّ في العلاقة التي تجمعهما، كما أن لا مصلحة لبري في استهداف عون حالياً خصوصاً بعد الاتصال الاخير بين الرجلين والذي أدى الى حلحلة عقدة تمويل سلسلة الرتب والموازنة صبيحة جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في بعبدا بعد عودة عون من ​فرنسا​ مباشرةً"، ومضيفاً: "كذلك هي حال النائب وليد جنبلاط الذي لا مصلحة له حالياً في افتعال مشكلة مع عون أو "​التيار الوطني الحر​" قبيل الانتخابات النيابية المرتقبة".

منذ أسبوعين أو أكثر كانت الحكومة على موعد مع أزمة خصوصاً بعد قبول ​المجلس الدستوري​ بالطعن المقدم في قانون الإيرادات ليخرج بعدها الحريري وفي نهاية جلسة حكومية حامية ويطمئن اللبنانيين أن السلسلة حقّ سيعطى لأصحابه، أراد الحريري ومن خلال هذه الاطلالة أن يؤكد أن الوضع الحكومي بخير ولن تؤدي هذه الخضّة الى تطييرها أو التأثير بها. هنا يشير بو منصف الى أن "بري استغنم فرصة هذا اللقاء كرسالة أساسية تتركز على أن الاستقرار الحكومي قائم والوضع جيّد، ليلج الثلاثة في ملفات حساسة تتعلّق بالشق المالي والانتخابي"، أما ابراهيم فلفت الى أن "اللقاء تطرق الى المواضيع السياسية بعمق من السلسلة ف​قانون الانتخاب​ وصولاً الى الملف السوري"، مشيراً الى أن "رئيس المجلس النيابي يسعى بذلك الى ضبط العلاقات الداخلية في هذا الظرف الحساس الذي تمرّ به المنطقة".

في المحصّلة لا يأخذ اللقاء بين بري والحريري وجنبلاط بعداً استثنائياً في هذه الظروف، لينحصر في معالجة ملفّات الساعة الاساسية من المالية الى الانتخابية!