تؤكد مرجعية بارزة في ​8 آذار​ ان ما جرى الاسبوع الماضي في جلسة ​المجلس العدلي​ لإصدار الحكم النهائي في قضية اغتيال الرئيس ​بشير الجميل​ هو سياسي بإمتياز وخطير لدرجة انه يستدعي رداً حازماً من 8 آذار باحزابها الـ33 ومن ​حزب الله​ على وجه الخصوص.

وتكشف المرجعية ان قبل ايام من صدور الحكم جرى تشاور بين بعض اطراف ​الحكومة​ و​القضاة​ في المجلس العدلي ووزير العدل ​سليم جريصاتي​ لتأجيل الحكم الى ما بعد الانتخابات النيابية والى فترة تمتد بين 6 و8 اشهر لتجنيب البلد خضة قد تحصل او صدام في الشارع بين مناصري المقاومة و8 آذار والاطراف الاخرى، ولعدم تحميل القوى ​المسيحية​ و​التيار الوطني الحر​ خصوصا "شبهة" الاستثمار الانتخابي والسياسي لقضية بشير في الانتخابات النيابية المقبلة.

وتشير المرجعية الى ان احد السيناريوهات التي كانت موضوعة لتأجيل الجلسة وعدم صدور الحكم كان بتغيّب احد القضاة، لكن الضغط السياسي كان هائلاً على المجلس العدلي والامور لم تصل الى خواتيمها المرجوة وتم تحضير الحكم بشكل مسبق وتم ابلاغ القوات والتيار وعائلة بشير الجميل بالنتيجة النهائية للاستعداد للاحتفال به، اذ وبعد صدور الحكم بساعات كانت الاحتفالات قد بدأت في ​الاشرفية​ واكثر من منطقة مسيحية.

وتؤكد المرجعية ان القرار سياسي بامتياز ويمكن نقضه وعدم تنفيذه ببساطة اذا ما القي القبض على ​حبيب الشرتوني​ او سلم نفسه لاعادة المحاكمة، لكن خطورة ما جرى ليس بالشكل الاجرائي والقضائي فحسب، انما بتداعياته على العلاقة بين اركان الحكم وبين العهد ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وحلفائه في حزب الله و​فريق 8 آذار​. اذ لا يريد حزب الله ولا 8 آذار الاصطدام بالرئيس عون او التيار الوطني الحر لان ذلك فيه اضعاف للرئيس وموقعه وللتحالف بين عون والمقاومة باسره في ظل هجمة متعددة الجهات والابعاد تقوم بها ​اميركا​ والسعودية و​اسرائيل​ على حزب الله وعون وكل ​الطائفة الشيعية​ وكل دول واحزاب وقوى الممانعة في المنطقة و​لبنان​.

وعلى المستوى السياسي تؤكد المرجعية ان حزب الله لم يهضم الحكم ولن يغفر ما جرى وسيكون له موقف حازم عبّر عن بعض نقاطه نائب الامين العام لحزب الله ​الشيخ نعيم قاسم​ الذي قال ان :"تبرير التعامل مع العدو لا يبرّر العمالة وبالتالي لا يبرّئ العميل لأنّ ​إسرائيل​ عدو". واعتبر الشيخ قاسم: ان "كلّ من يتعامل مع إسرائيل هو في خانة سلبية يُنعت بشيء من العمالة لهذا العدو لأنّ العدو الإسرائيلي لا يمكن أن يكون في لحظة من اللحظات مشروع تبرير للعلاقة معه".

وتشير المرجعية المذكورة الى ان رد الشيخ قاسم هو رد بإسم حزب الله وموقف مبدئي ومكمل لبيان قوى واحزاب تحالف 8 آذر الذي يؤكد بلا لبس ان الحكم على الشرتوني هو حكم مناف للدستور والمنطق والذاكرة الوطنية ولتضحيات المقاومة. فتعامل بشير الجميل مع العدو الاسرائيلي راسخ وموثق وعلني وكل الارشيف يؤكد ذلك وحتى انتخابه رئيساً للجمهورية اتى في ظل وجود الاحتلال الذي فرض انتخابه في ​مجلس النواب​ بالقوة واجبر النواب على الحضور. وهذا امر يتعارض مع الدستور الذي ينص على محاكمة كل من يتعامل مع العدو او يساعد قواته على الفوز بتهمة الخيانة والعمالة. فكيف تصبح عملية قتله جريمة جنائية عادية او جريمة ارهابية وهي جريمة سياسية ومعروف ان التعامل القضائي مع الجرائم السياسية وخصوصا خلال الحرب الاهلية يكون مخففاً كما حصل مع رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ الذي اعفي عنه وعن جرائمه التي ارتكبها خلال الحرب الاهلية. وتؤكد المرجعية ان من اخطاء فريق المقاومة في لبنان عدم ربط قضية الشرتوني بقضية جعجع فالعفو الذي صدر عن جعجع وغيره في العام 2005 كان يجب ان يشمل كل جرائم وارتكابات الحرب الاهلية وتطوى هذه الصفحة.

وفي السياق نفسه ترك الكلام الذي تحدث به رئيس جهاز التنشئة في حزب القوات ​شربل عيد​ بحق الشيخ قاسم وتمنيه الموت له اثراً سلبياً كبيراً في اوساط حزب الله وجمهوره ومناصريه وتفيد معطيات ان حزب الله لن يتساهل مع تهديد جعجع لقاسم على لسان عيد بسهولة وببساطة وفيه تهديد واضح بالقتل. والرسالة وصلت بغض النظر عن مسرحية الفصل او التراجع عن التهديد فلولا غطاء جعجع وما يتحدث به امام كوادره لما تجرأ عيد على قول ما قاله وهذا الكلام تجاوز للخطوط الحمر وسيواجه ب​دعوى قضائية​ اضافية على جعجع وعيد والقوات يحضّرها فريق حقوقي ناشط في الدفاع عن المقاومة وكوادرها وكل المحيطين بها.

وفي المقابل ومع اصرار حزب الله على المضي قدماً في مواجهة تداعيات الحكم على الشرتوني وتجريم مرحلة كاملة وحقبة زمنية سقط فيها الاف الشهداء في النضال ضد العدو لتحرير ​بيروت​ والجنوب بهدوء وروية ومن دون اي تعكير للاستقرار او استغلال القضية لضرب العلاقة مع عون والتيار او لجر الصدام الى الشارع، تؤكد المرجعية البارزة في 8 آذار ان هناك تشاور مستمر بين 8 آذار وحزب الله للرد على هذه الخطوة بتحرك فعال ومدروس وهادىء في الزمان والمكان المناسبين مع الاصرار على ان هذا الحكم الخطير لن يمر من دون رد بغض النظر عن قوته وحجمه وتوقيته.