أشار حاكم مصرف ​لبنان​ ​رياض سلامة​، خلال منحه دكتوراه فخرية، في إطار مؤتمر دولي حول البحوث التطبيقية بعنوان "القوة التحويلية للابتكار والأنظمة البيئية لريادة الأعمال" افتتحته ​جامعة الروح القدس​ - الكسليك، إلى أنّه "لبنان يمرّ اليوم بأزمة سياسية جديدة. لكن رسالتي لكم هي أنّ هذه الأزمة هي سياسية وليست نقدية"، لافتاً إلى أنّ "​مصرف لبنان​ استبق وقوع أي أزمة محتملة في لبنان. وكما نعلم جميعاً، انّ التطوّرات الإقتصادية والنقدية لا تتأثّر فقط بالمؤشّرات الإقتصادية والمالية، بل كذلك بالأزمات الفجائية الّتي شهدها لبنان والّتي أكسبته مناعة"، مركّزاً على أنّ "الإمكانيات متوافرة لدى مصرف لبنان لضبط الأوضاع".

وشددّ على "أنّنا كمصرف مركزي، نعتبر أنّ المعرفة هي سلعة قيمة، بل الأهم في القرن الحادي والعشرين. إنّ المعرفة سلعة مؤاتية للبنان باعتبار أنّه يملك الموارد البشرية اللازمة لتطوير هذا القطاع"، مبيّناً أنّ "مصرف لبنان أدرك أهميّة الإقتصاد الرقمي، رغم تلكؤ لبنان في هذا المجال. ما حملنا على السعي لإبقاء لبنان منخرطاً في العولمة المالية والإقتصادية وإصدار التعميم رقم 331 ضمن القوانين النافذة، وذلك بهدف خلق تعاون بين ​القطاع المالي​ وقطاع اقتصاد المعرفة الرقمية"، منوّهاً إلى أنّ "مصرف لبنان يشكر جهود الشركات المسرعة للأعمال وجهود بلدان عديدة اهتمّت لهذا التعميم ودعمت إنشاء هذه المسرعات في لبنان: ​بريطانيا​ من خلال الـ"UKLTH"، و​فرنسا​ عبر "Smart ESA"، وحاليّاً ​الولايات المتحدة الأميركية​ عبر مركز "ASHER"، وكندا و​ألمانيا​ وغيرها"، مشيراً إلى أنّ "الأهمّ أنّ حاضنات الأعمال ومسرّعات الأعمال بدأت تظهر وتزدهر في الجامعات، ما يشجّعه ويدعمه مصرف لبنان".

ونوّه سلامة بـ"الجهود الّتي تبذلها ​المصارف اللبنانية​ في قطاع المعرفة. فمصرف لبنان يغطي 75 بالمئة من استثمارات المصارف في هذا القطاع، ما يعني أنّ المصارف تتحمّل مخاطر بنسبة 25 بالمئة. إنّها مبادرة ناجحة، وقد صنّف لبنان في المرتبة الأولى في منطقة ​الشرق الأوسط​ و​شمال إفريقيا​، والثامنة في العالم، رغم انطلاق جهودنا منذ 4 سنوات فقط"، مؤكّداً أنّ "الإقتصاد الرقمي هو قطاع واعد بالنسبة لاقتصاد لبنان ومستقبل البلد. على صعيد استراتيجي، يملك لبنان 3 قطاعات رئيسية- القطاع المالي، وقطاع اقتصاد المعرفة، وقطاع ​النفط​ والغاز- من شأنها أن تساعد على تطوير القطاعات الأخرى"، موضحاً أنّ "القطاعات التقليدية كالصناعة والزراعة والسياحة هامّة بالنسبة إلى العمالة والناتج المحلي الإجمالي و​الصادرات​. وهي ستكتسب قدرات تنافسية بفضل تطور التكنولوجيا في لبنان".

ولفت إلى أنّ "اقتصاد المعرفة يمثّل اليوم 1.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي اللبناني. أمّا القطاعان الواعدان المتصلان بالتكنولوجيا في لبنان، فهما التكنولوجيا المالية والأمن السبراني"، مركّزاً على أنّ "لبنان سيتلقّى في هذا الصدد طلباً من القطاع المالي المحلي والخارجي. ​القطاع المصرفي​ في العالم بحاجة إلى التكنولوجيا المالية ضمانا لاستمراريته، في ظلّ المنافسة وتراجع المردودية"، مشدّداً على "أنّني أشجّع على المهتمين بابتكار تطبيقات، أن يركّزوا على هذا المجال بالذات".

وبيّن سلامة، أنّ "مصرف لبنان سيتوسّع في المجال الرقمي. لدى جهوزية البنية التحتية الرقمية، سيصدر المركزي عملة رقمية تخضع لإشرافه ومراقبته، حفاظاً على سلامة المستهلك والثروة الوطنية. لدينا اليوم عملات آمنة مثل الـ"bitcoin"، لافتاً إلى أنّ " مصرف لبنان رفض استعمالها كوسيلة دفع في لبنان لاعتبارها سلعة لوليس عملة، ولعدم وجود أي جهة تراقب أو تشرف أو تدير الأموال الموضوعة بشكل "bitcoins"".