حتى هذه اللحظة، وبعد مرور عدّة أيام على الإستقالة المشبوهة والغامضة لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​ من المملكة العربية السعودية، لا يزال ​حزب الله​ يتعاطى مع الأزمة التي إفتعلتها المملكة لإعلان الحرب عليه، بوجه الحزب الهادىء، المحاور، والمتفهم للأمور وللأولوية التي وضعها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ شعاراً للمرحلة الراهنة: أولوية إعادة الحريري الى ​لبنان​ لفهم الأسباب الحقيقية التي دفعته الى الإستقالة، وبأي ظروف إستقال، وماذا يريد أن يفعل في المرحلة المقبلة، كي تبني بعبدا على الشيء مقتضاه. غير أن تعاطي الحزب بروحية التهدئة هذه والتي عبّر عنها أمينه العام السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، لا يعني أبداً أنه غير مبال بما يحصل، كما أنه لم يمنعه من بعث رسائله الحازمة حيال المرحلة المقبلة، وفي كل الإتجاهات.

إنطلاقاً من هنا بدأت حركة حزب الله، في إتجاه الأفرقاء المعنيين، إلتقى السيد نصرالله وزير الخارجية ​جبران باسيل​ لوقت طويل، زار مسؤول وحدة الأمن والإرتباط وفيق صفا يرافقه عضو ​كتلة الوفاء للمقاومة​ النائب ​نوار الساحلي​ وزير العدل ​سليم جريصاتي​، وشارك رئيس الكتلة النيابية النائب ​محمد رعد​ بإستشارات بعبدا التي دعا اليها رئيس الجمهورية. وبحسب المصادر المتابعة لهذه اللقاءات، علمت "​النشرة​" أن الحزب كشف إنه يعتبر إستقالة الحريري غير دستورية بما أنها جاءت من خارج البلاد وهذا ما شكل سابقة تاريخية، مؤكداً أن الحكومة الحالية لا تزال قائمة. وبالنسبة الى المرحلة المقبلة، كان كلام مسؤولي حزب الله أكثر من واضح لناحية الرفض المطلق وغير القابل للنقاش لحكومة اللون الواحد التي تسعى السعودية الى تشكيلها من دون أن يكون حزب الله ممثلاً فيها، حتى ولو كانت مهمة هذه الحكومة ستنتهي بعد ستة أشهر فقط، أي بعد إجرائها ​الإنتخابات النيابية​ المحددة في أيار 2018، وذلك منعاً لتسجيل أي إنكسار للحزب في هذه المعركة المفتوحة مع السعودية. أضف الى رفض حكومة اللون الواحد، فقد عبّر الحزب بحسب المصادر المتابعة عن رفضه أيضاً لحكومة التكنوقراط أو ​الحكومة الحيادية​ المؤلفة من تقنيين، والتي حاول البعض التسويق لها كأحد المخارج من الأزمة الراهنة، شارحاً إعتراضه بإعتبارها، أي حكومة التكنوقراط، محاولة إلتفاف عليه لتسجيل ما تريد السعودية تسجيله من نقاط عليه ومحاصرته أكثر فأكثر.

أكثر ما أراح الحزب خلال لقاءاته وزياراته، هو ما سمعه لناحية رفض رئيس الجمهورية و​التيار الوطني الحر​ بشكل رئيسيي، إضافة الى أفرقاء آخرين، لحكومة اللون الواحد، ولحكومة التكنوقراط، حتى لو أن هذا الرفض لم يتم التعبير عنه علناً في هذه المرحلة مراعاة لدقة الموقف اللبناني بعد خطوة الحريري التي لم تكشف تفاصيلها بعد، خصوصاً لناحية مستقبله السياسي في لبنان وما إذا كان ينوي العودة لتشكيل حكومة من جديد أم أنه سيبقى خارج البلاد بسبب ما كشف عنه من ظروف أمنية.

إذاً حزب الله بالمرصاد لكل ما يحصل، يعمل في الكواليس أكثر مما يتحدث في الإعلام، لأن المرحلة هي للعمل المفيد أكثر مما هي للتصريحات والدخول في سجالات تؤجج الوضع وتدفع بالبلد الى المجهول، في زمن يجمع الجميع على ضرورة مواكبة ما يحصل بإستقرار أمني وهدوء لا مثيل له.