منذ بداية الأزمة السياسية المستجدة في البلاد، على خلفية إستقالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الملتبسة من العاصمة السعودية الرياض، إنطلقت حملة تهويل واسعة حول تأثيرها على مختلف القطاعات الإقتصادية ال​لبنان​ية، خصوصاً على القطاعين المالي والسياحي، لكن حتى الآن تداعياتها على الأخير لا تزال ضئيلة، نظراً إلى أن حركة السواح الخليجيين كانت في الأصل قد تراجعت في السنوات الماضية إلى الحدود الدنيا.

بعد التسوية الرئاسية في لبنان، شهدت الحركة السياحيّة إنفراجاً مهماً، نظراً إلى أنها مرتبطة بشكل وثيق بالأوضاع السياسية، وبالتالي هي تتأثر معها إيجاباً وسلباً، لكن لا يمكن القول أنها كانت عادت إلى ما كانت عليه قبل العام 2011.

في هذا السياق، يؤكد نقيب أصحاب الفنادق في لبنان ​بيار الأشقر​، في حديث لـ"النشرة"، أن هناك تداعيات لهذه الأزمة، لكنه يشير إلى أنها لغاية الآن ضئيلة، ويكشف أنه لم تحصل الغاءات عشوائية على الحجوزات، ويرجع السبب إلى أنه في الأساس أعداد الوافدين الخليجيين إلى لبنان، في السنوات السابقة، كانت قد تراجعت كثيراً.

ويكشف الأشقر أن هناك بعض الإلغاءات الطويلة الأمد، أي بالنسبة إلى الزبائن الذين يفضلون الحجز مبكراً قبل فترة طويلة لتمضية عطلتي الميلاد ورأس السنة في لبنان، لكنه يشير إلى أن أحداً لا يستطيع أن يعرف منذ الآن إن كانت هذه الحركة ستتصاعد أم لا.

وينتقد الأشقر الخطابات والتهديدات العشوائية، لا سيما أن بعض "المنظّرين" لا يكفّون عن الحديث عن إمكانية أن يكون هناك عمل عسكري إسرائيلي ضد لبنان، ويلفت إلى أن هذه الشائعات تؤثر على الوضع العام رغم أنها غير صحيحة، ويضيف: "اللبناني المغترب الذي قد يكون خطط لتمضية العطلة في بلده قد يعدل عن قراره بسبب ذلك".

من جانبه، يشير نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان ​طوني الرامي​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن هذا القطاع يعيش حالة ترقّب وقلق وحذر وركود تنعكس سلباً على الحركة الداخلية، ويلفت إلى أن الزبون لم يعد لديه الرغبة بالذهاب إلى المطاعم أو إلى أماكن السهر بسبب الأوضاع القائمة، خصوصاً أن هذا الواقع يتأثر بعاملين: مادي ونفسي.

ويؤكد الرامي تأثر أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري بالأزمة الأخيرة، مع العلم أن الشهر الجاري لا يعتبر ضمن الموسم السياحي في لبنان، لكنه يعرب عن مخاوفه من أن تمتد هذه الحال إلى شهر الأعياد، خصوصاً أن 30% من دخل هذا القطاع يأتي من الشهر الأخير بالعام.

ويشدد الرامي على أن عدد السواح من البلدان الخليجية كان قد انخفض منذ العام 2011، موضحاً أن وجودهم يؤثر على الحركة الإقتصادية في البلد بسبب قدراتهم الشرائية المرتفعة، ويضيف: "هم الأهم بالنسبة إلى القطاع السياحي في لبنان، وقبل الأزمة كان هناك مؤشر إيجابي يتمثل بوجود أفراد لا مجموعات في البلد".

بدوره، يوضح نقيب وكالات السفر والسياحة ​جان عبود​، في حديث لـ"النشرة"، أنه حتى الآن ليس هناك من تأثير سلبي بالنسبة حتّى اليوم، نظراً إلى أن العمل في أي شهر يكون من أجل الشهر الذي يليه، ويلفت إلى أن الحركة لا تزال جيّدة ونسبة الحجوزات على الطائرات القادمة إلى لبنان تقارب 90 و95%، وهناك صعوبة في إيجاد أماكن عليها ما يؤكد أن لا إلغاءات.

ويلفت عبود إلى أنه لا يمكن معرفة ما إذا كان هناك تداعيات بالنسبة إلى الشهر المقبل، نظراً إلى أنّ هذه الحجوزات قد يتم إلغائها، لكنه يؤكد أنه حتى الآن لم تحصل إلغاءات كبيرة بحسب النظام الالكتروني المعتمد، ويشير إلى أن إنطلاقة العام 2017 كانت جيدة على مستوى إرتفاع نسبة السواح العرب والخليجيين، ويضيف: "قبل الأزمة كانت نسبة السعوديين الوافدين إلى لبنان قد ارتفعت هذا العام نحو 40%، بالمقارنة عن العام الماضي، وهي قد تنخفض في الأيام المقبلة".

وفي حين يشير عبود إلى وجود صعوبة في تعويض هذا السوق، نظراً إلى أن البحث عن البديل يحتاج لسنوات، يوضح أنه "بحال الإعلان عن وقف خطوط الطيران من البلدان الخليجية، ستتوقف أيضاً الشركة الوطنية لأننا سنكون أمام حصار".

ويشرح عبود أنه قبل العام 2011 كان الخليجيون يشكلون نحو 35% من مجموع السواح الوافدين إلى لبنان، لكن هذه النسبة كانت قد تراجعت بين عامي 2011 و2016 بحدود 40 أو 50%، ويضيف: "كنا نتوقع هذا العام موسما أفضل، ونتمنى ألا نذهب إلى الأسوأ".

في المحصلة، لا تداعيات كبيرة للأزمة السياسية الراهنة على القطاع السياحي حتى اليوم، خصوصاً أن نسبة السواح الوافدين من البلدان الخليجية كانت قد تراجعت في السنوات السابقة، إلا أن المسؤولين في هذا القطاع يتمنّون عدم التعرض البلاد لأيّ هزّة سياسية، نظراً إلى العلاقة الترابطية بين السياسة والسياحة.