تهدد السعودية في كل أزمة سياسية مع ​بيروت​ بترحيل ال​لبنان​يين العاملين فيها، وهي في الأزمة التي نعيشها اليوم تتحدث عن رفع وتيرة الاجراءات التي قد تتخذها ضد لبنان بحيث لا تتوقف عند العاملين بل تطال المستثمرين أيضا، بما في ذلك وقف التعامل التجاري وغيره من الخطوات، فما هو حجم الأعمال اللبنانية في المملكة؟.

يركز المستثمرون اللبنانيون في السعودية عملهم في قطاع المقاولات بالدرجة الاولى، وهم يشاركون اليوم في مشاريع بارزة مثل مطار جدة، ومشروع مترو الرياض الذي يعدّ المشروع الأضخم حاليا في ​الشرق الأوسط​ والذي يفترض أن ينتهي العمل به في العام المقبل، ويوجد بالسعودية حوالي 500 مستثمر لبناني كبير، بالاضافة الى ما يقارب الـ325 ألف لبناني يعملون في مختلف المجالات البارزة. ويشير الخبير ال​اقتصاد​ي ​لويس حبيقة​ الى أن التحويلات الماليّة من الخليج الى لبنان تشكل ما يقارب الـ4 مليارات دولار سنويا أي ما يشكل أكثر من نصف قيمة التحويلات المالية السنوية والتي تقدر بنحو 7 مليارات دولار سنويا، مشددا في حديث لـ"النشرة" على أن أحدا لا يستطيع تقدير القيمة الحقيقية للاستثمارات اللبنانية بالسعودية لان قيمتها تختلف بين يوم وآخر حسب المستجدات السياسية والاقتصادية. ويضيف: "رغم ذلك فإن مما لا شك فيه أن الاستثمارات اللبنانية هناك كبيرة جدا خاصة شركات المقاولات، ولكنها ليست كبيرة بالقدر الذي كان يجب أن تكون عليه، وذلك بسبب القيود المفروضة من قبل السعودية و​دول الخليج​ على نظام "الملكية".

وفي سياق متصل تكشف مصادر مطلعة لـ"النشرة" أن العقوبات الاقتصادية السعودية على لبنان لن تكون بالسهولة التي يتحدث عنها بعض المحللين الاقتصاديين، مشيرة الى أن الحديث عن طرد العمالة اللبنانية أو إخراج المستثمرين اللبنانيين من السعودية هو أمر غاية في الصعوبة ومستبعد جدا، داعية للتأمل في اقتصاد دبي حيث التواجد الأبرز للمستثمرين ال​ايران​يين. وتضيف: "يعتمد نصف الاقتصاد الاماراتي وإمارة دبي تحديدا على الأموال الإيرانية، وبالرغم من سوء العلاقات السياسيّة بين ايران وأغلب دول الخليج فإن أي إجراء بحق المستثمرين لم يتخذ".

من جهته يؤكد حبيقة ان "لا نية لإخراج المستثمرين اللبنانيين من السعودية لأن أولا لا نية سعوديّة بذلك، وثانيا لان أي فعل من هذا النوع سيعرض ​الاقتصاد السعودي​ للخطر كونه بالاضافة لقوة هؤلاء، فإن المستثمرين الآخرين لن يكونوا مرتاحين للخطوة السعودية وسترتفع مخاوفهم مما يقلّص أعمالهم". اما بالنسبة للعمالة اللبنانية في السعودية فيشدد حبيقة على أن اللبنانيين العاملين في ذلك البلد ليسوا "عمّال باطون" وما شابه بل هم في صلب ادارة الشركات والمصارف، وبالتالي فإنه ليست مبالغة القول أن اخراج اللبنانيين من السعودية قد يعني ضربة قوية جدا للاقتصاد السعودي".

ويضيف: "ما يعطي اللبناني اهميته في سوق العمل السعودي ليس الكفاءة فحسب بل انسجامه مع الخليجيين وسهولة اللغة والتواصل وعامل التكلفة والعامل الثقافي والطعام، وبالتالي ليس سهلا استبداله بالأوروبيين مثلا".

وفي هذا الإطار تكشف المصادر أن السعودية تتشدد في حالات معينة تجاه اللبنانيين العاملين فيها وذلك لأسباب سياسية ودينية، مشيرة الى أن ما بدأته منذ ثلاث سنوات بناء على "توصيات لبنانية"، من سياسيين وأجهزة أمنية، كانت على شكل لوائح تضم اسماء اللبنانيين الذين ينبغي طردهم من السعودية، سيستمر اليوم وقد تزداد وتيرته ولكن لا خطر فعلي على كل العاملين في الخليج رغم التهديدات التي تصدر في هذا الشأن".

يبقى أخيرا الإشارة الى ما يُحكى عن منع السعودية تحويل الاموال الى لبنان، الامر الذي يراه حبيقة غير قابل للتحقيق اذ يمكن بكل بساطة تحويل الاموال اللبنانية لأي بلد اوروبي ومنه الى لبنان، مشيرا الى أن القيود على الأموال لا تستطيع ان تصل الى مرحلة وقف التحويلات الى بلدان العالم.

كثيرة هي التهويلات التي نسمعها حول العقوبات السعوديّة على لبنان، ولعل هدف من يطلقها ليس حماية المصالح اللبنانية بالخارج بل نشر الخوف في سبيل تحقيق المصالح السياسية، خصوصا وأن الحقيقة بعيدة عن التهويل، مع العلم أن أي إجراء سعودي مستقبلي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الاستثمارات السعودية في لبنان بالشراكة مع المستثمرين اللبنانيين.