أكّد المؤتمر الوطني "من ​لبنان​ الكبير 1920 نحو لبنان الرسالة 2020" الّذي نظّمته مؤسسة أديان، أنّ "لبنان الكبير الّذي عاني ولا يزال في مئويته الأولى من ارتجاجاتٍ في السّيادة، بسبب العدوان الإسرائيلي والواقع الإقليمي المعقّد والمضطرب الّذي يحيط به، وبسبب ضعف المنظومة الوطنيّة وعجزها عن تحقيق المواطنة والعدالة الإجتماعية والإنتاجية اللازمة للاستقرار الداخلي"، مشيرةً إلى أنّ "هذه الإرتجاجات أسهمت في الإفساح في المجال بين أبنائه لاستقطاب ارتهاناتٍ أضعفت المناعة الوطنية، وأدّت إلى صراعات وحروب أهليّة، وبما سُميّ بحروب الآخرين على أرضنا".

وأوضح المؤتمر في بيانه الختامي، أنّ "لا الميثاق الوطني القائل "لا للغرب ولا للشرق"، ولا مبدأ "النأي بالنفس" يستطيعان أن يعزلا لبنان بشكل كامل عن التجاذبات الخارجيّة. بل يستدعي الأمر مع ذلك تعزيز المناعة الداخليّة باستمرار، وبناء مفهوم وطني مُوحّد للسّيادة وكيفيّة حمايتها في ظلّ منطقة مشتعلة، على قاعدة المصلحة الوطنية الّتي تجمع مكوّنات المجتمع اللبناني. كافّة".

ورأى أنّ "لبنان الكبير في مئويته الأولى ارتكز على دستوره المدني وميثاق العيش معًا، الّذي هدف إلى تأمين مشاركة المواطنين في الحياة السياسيّة مع ضمانة تمثيل الطوائف المكوّنة للنسيج الإجتماعي اللبناني"، مبيّناً أنّ "ذلك ساهم في توزّع مواقع السّلطة، لكنّه فشل في بناء مؤسساتيَّة الدولة وثقافة المواطنة. فأصبحت السلطة تعيد إنتاج ذاتها على أساس الطائفية، وتراجع دور المواطن الفرد وفعالية مشاركته في الحياة السياسية"، مؤكّداً انّ "ذلك يستدعي إلى مُساءلة الإشكاليّة الطائفية وتفكيكها ليس في النظام وحسب، بل في الثقافة والتكوين الإجتماعي أيضًا، مع العودة إلى تطبيق سليم للدستور وإنهاء شوائب الزبائنية و​المحاصصة​ والفساد، الّتي جوّفت الميثاق والدّستور من مضامينهما، للوصول إلى مواطنة المواطنين الحاضنة إلى تنوّع المجتمع الثقافي والديني".

وأشار المؤتمر إلى أنّ "لبنان الكبير في مئويته الأولى، وبقدر ما شهِد تطوّراً للمجتمع المدني فيه، بقِي حراكه محدود التأثير في غالب الأحيان، لاصطدامه حينًا بمنظومة المجتمع الأهلي التقليديّة الّتي لا تتبنّى أولويّات ​المجتمع المدني​ّة، وحينًا آخر لاصطدامه مع السلطة السياسيّة ذات الطابع الطائفي"، موضحاً أنّ "على الرغم من ذلك، وبناء على بعض الخبرات الناجحة الّتي أثبتت نجاح الشراكة بين مؤسسات القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني وخبرائه لتحقيق الإصلاح المنشود، يبقى الأمل معقوداً على المجتمع المدني لتقديم التغيير المرجو في السياسات العامة، بالتزامن مع العمل على تحقيق التغيير في السياسة ذاتها، عبر رفدها بقيادات جديدة تحمل خبرة المجتمع المدني ومنظومته القيميّة".

ولفت إلى أنّ "لبنان الكبير في مئويته الأولى، وعلى الرغم من محاولات جادّة لتحقيق التنمية وبناء المؤسّسات العامة، بقِي عاجزاً عن اعتماد مقاربة شاملة للتنمية تكون العدالة الإجتماعية محورها"، مشدّدةً على أنّ "ذلك يستدعي الإنتقال من سياسة الخدمات الإجتماعية الّتي تستغلّها السلطة السياسية لكسب الولاءات على أساس الزبائنية، إلى بناء منظومة الحماية الإجتماعية والأمن الإنساني، عبر إنعاش ​الحوار الوطني​ الإجتماعي والاإقتصادي والاستثمار الراشد في الرأسمال البشري".

ونوّه المؤتمر، إلى أنّ "لبنان الكبير في مئويته الأولى، وعبر تاريخه المديد وتكوينه الإجتماعي، يختزن مقوّمات حضارية وثقافية ودينية تؤهّله ليكون مركزاً عالميّاً لحوار الحضارات والأديان، حاملًا رسالته، وفق قول البابا يوحنا بولس الثاني، "رسالة حريّة ونموذج تعدديّة للشرق كما للغرب"".