رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار ​بشارة بطرس الراعي​ في كلمة له افتتاح السنة القضائية 2017-2018 - بكركي ان "تكاثر عدد الدعاوى بات يشكّل خطرًا كبيرًا على عائلاتنا ​المسيح​يّة: في وحدتها وسعادة أفرادها؛ وفي سلامة الأولاد الروحيّة والنفسيّة وتربيتهم؛ وفي حسن نموّ شبيبتها ضمن دفء الحبّ العائلي. فأودّ أن أكلّمكم اليوم عن خدمتكم القضائيّة والكنسيّة، القانونيّة والروحيّة، انطلاقًا من القاعدة الكنسيّة-القضائيّة: "خلاص النفوس الشريعة السميا" (ق1752 من مجلة الحقّ القانوني).

وقال: "لا نستطيع، في زمن الميلاد، إلّا أن نفكّر أوّلًا بالأزواج وأفراد العائلات الذين حُرموا من بهجة العيد وسعادته الداخليّة في نفوسهم وداخل بيوتهم، بسبب جراحات سبّبها كسرُ الرباط الزوجي، أو حالةُ الهجر، أو واقع النزاعات وانشطار الشَّركة وتباعد القلوب. هؤلاء جميعًا هم في عهدة الكنيسة عبر خدمتها المزدوجة الراعويّة والقضائيّة. ذلك أنّهم حاضرون في قلب المسيح الفادي الذي، وهو ابن الله، تجسّد في عائلة لكي يخلّص كلّ عائلة بجميع أفرادها. لقد أخذ على عاتقه الإنسان لكي يحرّرَه من خطيئته وضياعه وحزنه، ويعيدَ إلى قلبه السعادة الحقيقيّة. من هذا المنظار ننظرُ معكم إلى الخدمة القضائيّة التي تؤدّونها باسم المسيح والكنيسة، كقضاة وموظَّفين قضائيِّين ومحامين ووكلاء"، لافتا إلى ان "سينودس الأساقفة الروماني، الذي دعا إليه قداسة ​البابا فرنسيس​ كان يهدف إلى تعزيز العائلة والزواج المسيحي والدفاع عنهما من أجل الخير الأكبر للزوجَين الأمينَين للعهد الذي قطعاه أمام المسيح. فلا يمكن فصل خدمة العدالة الكنسيّة عن وجهها الروحي. لذلك، أنتم مدعوّون، أيّها القضاة، بكلمات البابا فرنسيس، لتكونوا قريبين من آلام الأزواج والأولاد المجروحين، سواء في الرباط الزوجي أم في الشَّركة العائليّة، بحيث تقدّمون لهم المساعدة الفعليّة بحكم صلاحياتكم، فيتمكّنوا من العيش في سلام الضمير، ووفقًا لإرادة الله. إنّكم في آن تداوون الجراح، وتلتزمون بقدسيّة الرباط الزوجي".

وأشار إلى ان "خلاص النفوس هو الشَّريعة السميا". هذه القاعدة الروحيّة-القانونيّة تحتوي على ثلاثة: العدالة والإنصاف، وخلاص النفوس. العدالة تقتضي إعطاء المتداعين ما هو واجب لهم بحكم القوانين القائمة. والإنصاف يقتضي إعطاءهم ما هو واجب لهم، انطلاقًا من مشاعر الرحمة وواقع الأشخاص والظروف الراهنة، مع اعتبار ما يقتضيه الشّرع بجملته، وهو الخير العام وخلاص النفوس. فالإنصاف يلطّف حدّة القانون، ويحرّر من التقيّد المفرط بالحرف. "فالحرفُ يقتل والروح يُحيي" على ما يقول بولس الرسول (2كور3: 6). خلاصُ النفوس هو الغاية الأساسيّة من سنّ القوانين وتطبيق العدالة. المحكمة هي في خدمة القانون من أجل ممارسة العدالة. القانون وسيلة لا غاية. فالغاية الأولى هي خلاص النفوس، والخلاص هو الرجاء الذي يتحقّق في الملكوت. إذا تحوّل القانون إلى غاية أطفأ روح الكنيسة الذي هو الروح القدس. إنّ المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في تعليمه عن الكنيسة – الشّركة (راجع نور الأمم، 4 و9 و13)، يكشف الأساس الروحي لقوانين كنسيّة، ويؤكّد ترتيبها لخلاص الإنسان. فيصبح القانون قانون المحبة في هيكليّة الشركة والنعمة، على ما يقول الطوباوي البابا بولس السادس. وهكذا لا فصل بين الإنجيل والمؤسّسات الكنسيّة، وبينه وبين المحكمة".