وجه راعي الابرشية المارونية المطران انطوان شربل طربيه رسالة عيد الميلاد الى أبناء ​الكنيسة المارونية​ في أوستراليا تحت عنوان "الله يكملنا بابنه يسوع"، وذكر فيها أن "عظمة سر التجسد الإلهي الذي نحتفل به في عيد الميلاد ينبع من محبة الله التي ظهرت بتصميمه الخلاصي، لأن الله وبعد معصية آدم وحواء لم يترك الانسان الذي خلقه على صورته ومثاله عرضة للخطيئة والشر، بل وعده بمخلص"، مشيراً الى أنه "ومنذ بدء الخليقة والله يحاول التقرب من الانسان، والتحدث معه بأنواعٍ مختلفة، وقد كلم آباءنا بلسان الأنبياء والمرسلين مرات كثيرة، ولما بلغ ملء الزمن كلمنا الله بابنه، الذي أصبح انسانا ب​يسوع المسيح​، فسكن بيننا وشابهنا في كل شيء، ما عدا الخطيئة".

واعتبر أن "أجمل ما في الميلاد أن الله لم يعد يتكلم مع الانسان بالواسطة، انما التقاه وجها لوجه، ودخل في حوار مباشر معه، واصبح يحدثه بلغة يفهمها ويشرح له عن ملكوت السموات، كاشفا أن كل انسان مدعو لكي يصبح ابنا لله بالتبني".

وأوضح طربيه أن "الاحتفال السنوي بعيد الميلاد يشكل مناسبة للاصغاء لكلام الله الذي يهمس في أعماقنا قائلا لنا إن عمانوئيل هو حقيقة متجددة، لأن الهنا هو فعلا معنا اليوم وكل يوم والى منتهى الدهر، إنه أقرب الينا منا الى ذواتنا، وما زال بامكاننا ان نلتقيه ونستقبله مثل الرعاة والمجوس، لتتحول حياتنا من القلق والحزن الى السلام والفرح الحقيقيط، مشيراً الى أنه "عندما نتأمل بمغارة الميلاد، نرى ان الله واضع نفسه ليصبح طفلا صغيرا في مذود حقير، عندها نفهم ان سر الحب بين الله والانسان يمر في مغارة ​بيت لحم​، كما في مقبرة اورشليم، والمهم في هذا العيد ان لا تأخذ الامور الخارجية والثانوية كل اهتماماتنا، من هدايا وزينة شكلية وفرصة سنوية للتمتع والراحة، بل علينا أولا ان لا ننسى ان عيد الميلاد هو عيد روحي وفيه نجدد محبتنا لله بممارسة سر التوبة والاعتراف، مخصصين وقتا للصلاة والمشاركة في القداس، فتصل فرحة العيد الى عمق حياتنا الايمانية والروحية، ولا تبقى سطحية وخارجية".

كما ذكر أنه "يبقى عيد الميلاد عيد العائلة، ومنه تنبع قدسية الزواج في مفهومنا المسيحي"، لافتاً الى أن "التحديات الاخلاقية والايمانية التي تواجهنا، وخصوصا ما شهدناه مؤخرا في مجتمعنا الاوسترالي من حملات مغرضة ومضللة، وتشريعات جديدة، لم تسهم بابراز وجه ​اوستراليا​ الحضاري، والتعددي، بل كرست الانقسام الحاصل في المجتمع حول مسألة الزواج".

وأعرب طربيه عن "أسفه من أن تضرب المفاهيم الانسانية التقليدية وتقيد الحريات الاساسية، باسم حريات مستجدة، تحمل طروحات ومفاهيم غريبة، لا يمكن ان نرتكز عليها في بناء المجتمع والوطن، ولا تحمل اي ضمانة لمستقبل العائلة والانسان. هذا الواقع ادى الى حالة القلق التي يعيشها الكثيرون من بيننا، خوفا على مستقبل اولادهم وقيمهم الاخلاقية والعائلية".

وشدد على "أننا اليوم نضع امام طفل المغارة وامه مريم وابيه يوسف كل همومنا وهواجسنا، رافعين الصلاة في هذا الوقت مع كل اصحاب الارادة الصالحة من اجل السلام والوحدة، ضمن التنوع في مجتمعنا، طالبين من الطفل الالهي ان ينير عقول المسؤولين السياسيين، لكي يعوا ضرورة اعادة النظر في قوانين الزواج الجديدة، ويروا ان ادخال تعديلات عليها يساهم في صون الحريات الدينية والحريات العامة، واعادة اللحمة والانسجام بين الاوستراليين"، مشيراً الى "اننا نصلي معا في هذا العيد، طالبين من العذراء مريم، ان تكون رفيقة دربنا وشفيعة مجمعنا الأبرشي الماروني الاول، الذي أطلقناه بعنوان نتقوى في الايمان وننمو في المحبة".

وأوضح أن "​الدورة​ الأولى التي عقدت في الخامس والعشرين من تشرين الثاني الفائت، شكلت انطلاقة جيدة وجدية للتحضير للدورة الاساسية المقبلة، والتي ستعقد من الثاني عشر إلى الرابع عشر من نيسان عام ألفين وثمانية عشر، فنسأل العذراء أن تقود مسيرتنا الى ابنها يسوع، لكي يبارك أبرشيتنا وأعمال مجمعنا، راجين ان يثمر تجددا روحيا ورعويا ورسوليا لكل أبناء وبنات كنيستنا المارونية في أوستراليا".

وختم طربيه بالقول "نسأل الله ان يكون الاحتفال بعيد القديس مارون في التاسع من شباط المقبل، حيث سنستقبل في أبرشيتنا ولأول مرة ذخائر أبينا القديس مارون، مناسبة لنلتقي، بعضنا مع البعض، ونعيش الروحانية المارونية الأصيلة النابعة من سر التجسد والفداء. وفخر ​الموارنة​ أن تكون القداسة هي الهدية الأغلى والأجمل التي يقدمونها الى المجتمع والعالم في عيد الميلاد".