اشارت مصادر وزارية ونيابية لبنانية عبر "الحياة" الى إن "لا مجال لتعديل قانون الانتخاب، بما يسمح للناخبين بالاقتراع في أماكن سكنهم خارج أماكن قيدهم وتمديد المهلة للبنانيين المقيمين في الخارج لتسجيل أسمائهم للاقتراع في السفارات والقنصليات اللبنانية، بعدما انتهت في 20 تشرين الثاني الماضي"، مؤكدة أن "ما كتب في القانون قد كتب وأن مجرّد الموافقة على هذين التعديلين يستلزم تمديد المهل، وهذا يتطلب شبه إجماع من الكتل النيابية الرئيسة"، ولافتة الى أن "أي تعديل على قانون الانتخاب يستدعي من حكومة "استعادة الثقة" التقدّم بمشروع قانون يتضمن البنود المنوي تعديلها على أن يُحال إلى البرلمان لمناقشته تمهيداً لتصديقه. وترى أن هناك قوى سياسية بدأت تتصرف على أن القانون لن يُمسّ، لأنها تجد أن مصلحتها تقتضي التمسك به كما أقره البرلمان في جلسة تشريعية سابقة".

وتسأل عن الأسباب التي دفعت رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير ​جبران باسيل​، إلى تعديل موقفه لجهة السماح للمقترعين بالانتخاب في أماكن سكنهم وخارج قيدهم، على أن يقترن بتسجيل أسمائهم مسبقاً لدى ​وزارة الداخلية​ بعدما كان رفض مبدأ التسجيل المسبق بذريعة أن هذا التدبير يؤدي إلى ممارسة الضعوط على المقترعين خارج قيدهم.

كما تسأل عن "خلفية مطالبة الوزير باسيل بتمديد المهلة للسماح لمزيد من المغتربين بتسجيل أسمائهم للاقتراع في السفارات والقنصليات اللبنانية، مع أنه قام بجولات مكوكية على بلدان ​الاغتراب​ لم يتحقق منها ما كان يصبو إليه، وإلا لماذا بقي عدد الذين سجلوا أسماءهم ضمن المهلة الواردة في القانون والتي انتهت في 20 تشرين الثاني، حوالى 82 ألف ناخب، في ضوء تدقيق وزارة الداخلية اللوائح المرسلة من السفارات والقنصليات اللبنانية أو تلك المتعلقة بالذين سجلوا أسماءهم عبر موقع ​وزارة الخارجية​ الإلكتروني!"، معربة عن اعتقادها أن "كلفة انتقال باسيل من بيروت إلى بلدان الاغتراب كانت باهظة على خزينة الدولة في ضوء عدم إقبال المغتربين على تسجيل أسمائهم بأعداد كبيرة، وتقول إن تجييشه لهم لم يحقق ما كان يتطلع إليه"، مضيفة: "باسيل اضطر إلى الطلب من اللجنة الوزارية المكلفة البحث في كيفية تطبيق قانون الانتخاب في اجتماعها الطارئ برئاسة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، اعتماد التسجيل المسبق وتمديد المهلة للمغتربين لعلهم يتحمّسون لتسجيل أسمائهم"، ومؤكدة أن "وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ كان واضحاً بقوله لباسيل إن العودة إلى التسجيل المسبق تتوقف على الجواب الذي سيحمله إلى اللجنة الوزارية في اجتماعها المقبل، بعد أن يكون قد استمزج رأي أهل الاختصاص في الوزارة، وتقول إن أي تعديل يتطلب إعادة النظر في قانون الانتخاب، بما يسمح بإدخال تعديلات طارئة عليه، إضافة إلى ضرورة تمديد المهل، لأن إنجاز ​لوائح الشطب​ قد يتأخر إلى ما بعد الأول من شباط المقبل"، مشيرة الى أن "أي تعديل يمكن أن يدفع أطرافاً إلى المطالبة بإدخال تعديلات أخرى في حال تعذر التوافق على التعديلين اللذين ناقشتهما اللجنة الوزارية، سواء في ​مجلس الوزراء​ لدى إعداد مشروع قانون في هذا الخصوص، أو في البرلمان أثناء انعقاد الجلسة التشريعية للنظر فيهما".

وبصرف النظر عن التوافق على التعديلات المقترحة أو عدمه، فإن المصادر تؤكد أن "الانتخابات النيابية ستُجرى في الموعد الذي حدده المشنوق في ​6 أيار​ المقبل، وأن تأجيلها غير وارد، خصوصاً أن الأطراف بدأت التحضير لخوضها، مع أن التحالفات الانتخابية لن ترى النور قبل شباط المقبل، وما يشاع من تحالف هذا الطرف مع ذاك يأتي في سياق المناورات الانتخابية"، معتبرة أن "الثابت في التحالفات الانتخابية يبقى حتى الساعة محصوراً بتحالف "التيار الوطني الحر" مع "تيار المستقبل"، وأيضاً بالتحالف بين طرفي الثنائي الشيعي، أي حركة "أمل" و "​حزب الله​"، وتقول إن هذين التحالفين غير قابلين لأي تبديل".

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عن مصير تحالف حزب "القوات اللبنانية" مع "المستقبل"، وما إذا كان اللقاء المنتظر بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ ستدفع في اتجاه إنقاذ علاقتهما الثنائية من الندوب السياسية والشخصية التي أصابتها منذ إعلان الحريري استقالته في 4 تشرين الثاني الماضي من المملكة العربية السعودية، وعودته عنها لاحقاً بناءً على إجماع مجلس الوزراء على تبنّي سياسة النأي بالنفس"، مضيفة: ط.يبدو أن لا توقيت محدداً حتى الساعة للقاء الحريري- جعجع، خصوصاً أن التواصل بين وزير "القوات" ملحم رياشي وزميله في "المستقبل" الوزير غطاس خوري، لا يزال يتأرجح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة، ولم يتمكنا من وضع ورقة عمل تكون بمثابة جدول أعمال لهذا اللقاء الموعود".

كما تسأل المصادر ما إذا كان هذا اللقاء سيتأخر مقابل رفع منسوب التنسيق بين "التيار الوطني" و "المستقبل"، اللذين توصّلا إلى تحالف استراتيجي لا عودة عنه؟ فيما الغموض يكتنف ما ستؤول إليه علاقة الأخير بحليفه "القوات"، في وقت أُسدل الستار على تحالف قوى "14 آذار" التي تفرّقت منذ زمن بعيد ولا أمل في إعادة تعويمها لتطل على محازبيها الذين جُلّهم مستقلون ذهبوا ضحية تواري "14 آذار" عن الأنظار"، متسائلة أيضا "هل اختار "المستقبل" "التيار الوطني" حليفاً استراتيجياً ووجد فيه البديل من "القوات"، وبالتالي، أيُّ مصلحة للأوّل في التحالف مع فريق مسيحي واحد؟ وأين يقف الحزب "التقدمي الاشتراكي" من هذه الثنائية، وهو من دعا، ويدعو، بلسان رئيسه وليد جنبلاط إلى التوافق في ​الشوف​ وعاليه بين الأطراف الرئيسة، حتى لا يكون سبباً في عزل هذا الطرف أو محاصرة الطرف الآخر؟"، مؤكدة أن "الحزب "التقدّمي" يمارس سياسة الانفتاح وتربطه علاقة وطيدة بـ "القوات" لحماية المصالحة المسيحية- الدرزية في دائرة الشوف- عاليه، والتي كان رعاها البطريرك الماروني نصرالله صفير، وعاد خلفه البطريرك بشارة الراعي إلى تثبيتها وفتح الباب أمام إشراك الجميع فيها، لتوفير الحصانة السياسية التي تحميها وتحول دون عودة الوضع في هذه الدائرة إلى ما كانت عليه قبل إتمام المصالحة"، مشددة على أن "زيارة باسيل جنبلاط تأتي في سياق إعادة ترميم العلاقة بين "التيار الوطني" و "التقدّمي" بعدما مرّت في وقت من الأوقات بحالة من الفتور على خلفية ما صدر عن باسيل في جولاته على بلدات في الشوف وعاليه".

واعتبرت المصادر الوزارية والنيابية أن "التقدّمي" يبقى بيضة القبّان في الشوف- عاليه، ويمكن أن يضغط في اتجاه إشراك كل القوى الرئيسة في لائحة توافقية، لأن لا مصلحة في طغيان فريق مسيحي على الآخر، ولأن التوازن يبقى مطلوباً، ويمكن جنبلاط القيام بدور لرأب الصدع بدءاً بتنقية الأجواء بين القوى التي هي على خلاف اليوم"، متوقفة أمام خريطة التحالفات التي طرأت على المشهد السياسي في ظل التوتر المسيطر على علاقة "التيار الوطني" بـ "القوات"، ومضيّ الأول في تطبيع علاقته بـ "المستقبل"، ما يدفع البعض إلى السؤال ما إذا كان الأخير و"القوات" على وشك الدخول في طلاق سياسي"، مضيفة: "بالنسبة إلى احتمال قيام تحالف سياسي يضم "المستقبل" و "التيار الوطني" وحركة "أمل" و"التقدّمي" و "حزب الله"، تؤكد المصادر نفسها أن "مثل هذا التحالف الخماسي غير قابل للحياة، لكنها لا تستبعد قيامه بطريقة غير مباشرة، من خلال رئيس البرلمان نبيه بري الذي لديه القدرة على ابتداع المخارج، ما يعني أن "حزب الله" سينضم إليه بطريقة غير مباشرة، لأن لا مصلحة لـ "المستقبل" بالتحالف معه؟"، متسائلة عن صحة ما يتردّد من أن "القوات" بدأ يتحضّر لكل الخيارات، بما فيها احتمال طلاقه مع "المستقبل"، كاشفة عن "إحياء التواصل على أعلى المستويات بينه وبين حزب "الكتائب" والمستقلين المسيحيين، وإن كان لا شيء معلناً حتى الساعة، وإن عنوانه الأول البحث في كل الاحتمالات في شأن التحالفات الانتخابية".