في الوقت الذي تتفاعل الخلافات في لبنان حول عدة ملفات داخلية، هناك تطورات في المنطقة المحيطة بنا لا بد وان تكون انعكاساتها علينا كبيرة جدا، خاصة اذا ما أدت الى نزاعات مسلحة بين ​اسرائيل​ ودول الجوار .

وقالت مصادر دبلوماسية مواكبة للتطورات الميدانية في ​سوريا​ ان الأحداث اشتدت في الأشهر الماضية على الجبهات الشمالية لإسرائيل مع سوريا ولبنان .

ولاحظت هذه المصادر ان ​ايران​ تعمل لملء الفراغ الذي خلفته هزيمة داعش، وتشعر اسرائيل بأنها مضطرة لتوسيع خطوطها الحمراء المعلن عنها في سوريا واتخاذ إجراءات بشأنها، مما سيؤدي الى تزايد خطر وقوع مواجهة بين ​تل أبيب​ والمعسكر الذي تقوده ​طهران​ في المنطقة .

وتقول هذه المصادر ان الإسرائيليين يركزون على الخطط الإيرانية لفترة ما بعد داعش ولا سيما خطة انشاء منطقة نفوذ تمتد من الحدود الايرانية حتى البحر الأبيض المتوسط، تقابلها خطة تعزيز جبهة عسكرية ضد لبنان وسوريا .

وما يقلق اسرائيل حسب المصادر ان الجمهورية الاسلامية الإيرانية تسعى الى اقامة وجود عسكري واقتصادي طويل الامد في سوريا بموافقة رسمية من النظام السوري، ويشمل قاعدة بحرية ورصيف ميناء على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، غير بعيدين عن القاعدة الروسية في طرطوس، والقاعدة الجوية بالقرب من دمشق .

وكانت هيئة الإذاعة البريطانية نشرت في 11 تشرين الثاني الماضي صورا اخذتها الأقمار الصناعية لعملية بناء في قاعدة ارضية سورية تقع بالقرب من دمشق وتبعد خمسين كيلومترا من مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها اسرائيل، واستهدفتها اسرائيل ودمرت جزء منها .

ولفتت المصادر على ان ايران تسعى الى تأسيس جيش بالوكالة دائم الوجود في سوريا كجزء من محور المقاومة، وتشجع نظام الرئيس السوري ​بشار الاسد​ على اضفاء الطابع المؤسساتي على هذه القوة .

واشارت المصادر الى ان تل ابيب تعتبر كل هذه التحركات تشكل تهديدا استراتيجيا كبيرا طويل الأجل، واذا ما تحققت ستؤدي الى ترسيخ جذور ايران التي تعهّد نظامها بتدمير اسرائيل .

وكان وزير الدفاع الاسرائيلي ​أفيغدور ليبرمان​ صرح مؤخرا بأنه اذا اندلعت مواجهة عسكرية محتملة في شمال البلاد فإن اسرائيل لن تواجه جبهة لبنانية نشطة فحسب، بل جبهة سورية ايضا، حيث ستندمج الجبهتان معا لكي تصبح جبهة موحدة ضد اسرائيل .

وتتوقع تل أبيب كما تشير المصادر ان تواجه ​حزب الله​ المتمرس في القتال والذي تحول الى قوّة عسكرية، وفيالق شيعية اخرى الى جانب جيش سوري أعيد تأهيله، وستعتمد هذه القوة على ترسانة صاروخية كبيرة مما يضيف الى الترسانة الحالية لحزب الله التي تتضمن ١٢٠ الف صاروخ، كقوة نارية هائلة .

وتابعت المصادر بأن اسرائيل تدرك المخاطر الكبيرة لمواجهة المخططات الإيرانية، خاصة بسبب تردد الولايات المتحدة الاميركيّة و​روسيا​ في اتخاذ خطوات استباقية هامة ضد طهران .

وتعتقد المصادر ان الميل داخل الإدارة الاميركية هو الاكتفاء بدحر داعش وإعطاء الاولويات لقضايا سياسية اخرى، خاصة وان ​واشنطن​ قد تقبلت أساسا الدور الروسي الرائد في سوريا وسوف تقلّص دورها وتحافظ على وجود محدود في المنطقة .

واستبعدت المصادر حصول تصعيد في سوريا طالما استمرت الحرب هناك، من دون استبعاد ازدياد منسوب خطر التصعيد مع اقتراب الحرب على نهايتها، ليستعيد النظام السوري سيطرته على جميع المناطق .

واستنتجت المصادر انه في الوقت الذي تعمل فيه ​الولايات المتحدة الاميركية​ وروسيا والمجتمع الدولي على تعزيز الهدوء في فترة ما بعد الحرب، وتشجيع قيام نتائج سياسية مستقرة في سوريا، فان اسرائيل لا يمكنها لوحدها القيام بأي عملية عسكرية سواء ضد سوريا او لبنان، اذا ما أخذت في الاعتبار مواقف الدول الكبرى التي لا تحبذ هكذا خطوة، اضافة الى ان تل ابيب لن تكون في وضع يجعلها تحقّق أي مكاسب نظرا للقوة العسكرية التي يمتلكها خصومها.