استفاق ال​لبنان​يون مطلع الأسبوع الحالي على خبر مفاده أن "رجلاً أقدم على قتل زوجته في منطقة ​رأس النبع​". خبر رغم قساوته، الا انه مرّ كباقي أخبار الجرائم العائليّة التي باتت جزءاً من الحياة الاجتماعية في لبنان. وفي اليوم عينه، أقدم رجل آخر في بلدة ​مجدل سلم​ الجنوبية على طعن زوجته ما تسبب لها بجروح خطرة، وذلك أمام أولادهما الذين توسّلوا والدهم لعدم قتل أُمّهم.

بالسلاح الحربي، أو بالسكين أو بأي وسيلة أخرى، يتفنن "الزوج القاتل" في قتل شريكته، دون الأخذ بعين الاعتبار "العائلة" و"الأولاد" الذين سيكبرون مع ذنب لم يرتكبوه. لا تتوقف خطورة مثل هذه الاحداث عند الجريمة بحد ذاتها فقط، بل في مفهوم القتل الذي ساد مجتمعنا، وفي عدم الأخذ بعين الاعتبار للتبعات القانونية للجريمة. وقد تكون المشكلة في أساس فهم العلاقة بين الرجل والمرأة.

بهدف الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال التعنيف والتعذيب، أُنشئت المنظمات النسوية في لبنان، ورغم العمل الكبير الذي تقوم به بهدف حماية النساء من أي شكل من أشكال التعنيف، الا ان الخوف الموجود لدى بعض نساء لبنان يحول دون انقاذ المرأة قبل وقوعها ضحية زوجها في بعض الأحيان.

في هذا السياق، ترى الناشطة في مجال حقوق المرأة وعضوة "التجمع النسائي الديمقراطي" حياة مرشاد أن "المنظمات النسائية تعمل على متابعة الحالات التي تتعرض لأي شكل من أشكال التعنيف وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لها، اضافة لدعمها قانونية ومادياً في حال أرادت رفع ​دعوى قضائية​ ضد الرجل المُعنِّف"، مؤكدة "اننا نعمل دائماً على تأمين المأوى والملجأ الآمن للنساء".

وفي موضوع جريمتي رأس النبع ومجدل سلم، تعرب مرشاد عن أسفها من "عدم قدرة الجمعيات على معرفة بعض الحالات الاّ بعد وقوع جريمة القتل، وذلك بسبب الخوف الذي تعاني منه النساء"، مؤكدة "اننا سنتابع هذه الملفات في القضاء لمحاسبة الفاعلين ولتأخذ كل النسوة حقوقهن".

قانونياً، يُعدّ إقرار ​قانون حماية النساء​ وسائر أفراد الأسرة من ​العنف الأسري​، ورغم تحفظ بعض المنظمات النسائية على بعض بنوده، خطوة ناجحة في فرض الحماية لهنّ وهو قفزة قانونية لصالحهنّ. وفي هذا السياق تؤكد مرشاد "اننا نعمل على تعديل القانون وازالة كل الشوائب التي تتواجد فيه بسبيل حماية المرأة".

يُعتبر لبنان من البلدان التي تشهد نسب جرائم مرتفعة ضد المرأة. وسُجّلت قرابة الخمس جرائم في الشهرين الماضيين، وبأبشع الطرق. كما أن معدّل النساء التي تُقتل على أيدي أزواجهن، يقدّر بثلاث في الشهر، ووصل العدد أحياناً إلى أربع نساء. وهذه النسب لا تشمل النسوة اللواتي تتعرض للتعنيف دون أن تُعلنَّ عن ذلك، ولا حالات القتل التي لا يعلن عنها، اضافة إلى الجرائم التي لا يتم الاعلان عنها ك​التحرش الجنسي​ و​الاغتصاب​ الزوجي، ولسوء الحظ، هذه الحالات لا تُكشف الا بعد أن تحصل عملية القتل.

وفي هذا الإطار، تشدد مرشاد على أن "النسوة يجب أن يعرفن ان هناك العديد من المنظمات التي يمكنها أن تساعدهنّ وأن تكسر حلقة العنف ضدهنّ"، متوجهة إلى النساء التي تتعرض للتعنيف والتعذيب بالقول "هناك من يقف الى جانبكن والعنف ليس بسيطاً وقد يصل الى القتل، ولا يمكن السكوت لأن العنف تراكمي ويهدد العائلة كلها، ولن يتغير شيء اذا لم تقمن بالتبليغ".

إلى متى ستبقى النساء عرضة لعمليات القتل وضحيّة لبعض الأشخاص الذين لم يردعهم لا قانون ولا أخلاقيات؟ وهل ستبقى أخبار قتل الرجال لزوجاتهم تمر مرور الكرام دون اتخاذ إجراءات قانونية رادعة لهم؟.