أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ هناك أسباباً كثيرة تدفع نحو إقرار قانون عفو، مذكّراً بأنّه في العام 1991 صدر قانون عفو لكن غير كامل عن مجلس النواب، لافتاً إلى أنّ كلّ ما يصدر عن مجلس النواب يأخذ صفة ​العفو العام​ ولو كان عفواً خاصاً.

وفي حديث إلى تلفزيون "روسيا اليوم" ضمن برنامج "استديو بيروت" أداره الإعلامي عمر الصلح، شدّد أبو فاضل على أنّ الأسباب الاجتماعية التي تدفع نحو إقرار قانون عفو اليوم كثيرة، وذلك نتيجة ضيق الوضع المادي في البلد والحروب التي مرّت عليه، وعدم وجود حكم متمكّن طيلة السنوات السابقة، وخصوصًا في أواخر عهد الرئيس السابق ​ميشال سليمان​، عندما بدأت المشاكل في ​طرابلس​، وبدأ ما يسمّى بالخرف العربي، وفورات الاسلاميين المتهوّرين، على حدّ تعبيره.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ هناك مجموعات كثيرة في لبنان نتيجة غياب الدولة عن مناطق واسعة زرعوا حشيشة الكيف وما إلى هنالك وتعاطوا بالممنوعات، وهذا الأمر أيضًا يصبّ لمصلحة صدور القانون العفو. وإذ أشار إلى وجود حاجة لصدور هذا القانون، تحدّث عن تقاطع مصالح بين مختلف الفرقاء يصبّ لصالح إقراره.

العهد موافق على العفو

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ مشروع قانون العفو يجب أن يكون عادلاً، وأشار إلى أنّ من يخرج بقانون العفو في حال عاد إلى ممارساته الجرمية تعود وتُفتَح ملفّاته السابقة كلّها، وتُضَمّ إلى التحقيق، مشدّداً على وجوب التزام المشمولين بالعفو بالقانون، مشيراً إلى أنّ العهد ممثّلاً برئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ يجمع على وجوب الذهاب نحو إقرار قانون عفو، وهو ما يوافق عليه حتى معارضو العهد.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ العفو سيشمل الكثيرين لكنّه في المقابل لن يشمل كثيرين أيضًا، موضحًا أنّ خمسة وتسعين بالمئة من الاسلاميين سيكونون مشمولين بالعفو، إلا أنّ من تورطوا ب​الارهاب​ وتلطّخت أيديهم بالدماء لن يكونوا مشمولين على غرار موقوفي ​جبهة النصرة​ وداعش و​أحمد الأسير​ و​خالد حبلص​ وغيرهم.

وتحدّث أبو فاضل عن عدالة شاملة بهذا العفو، مشيراً إلى أنّ لبنان يعيش وسط خضّات دائمة ولا يوجد فرص عمل حقيقية وجدية، معرباً عن أسفه لأنّ لبنان يصدّر شبابه ومثقفيه، ومن لا يستطيع السفر يتورّط بقضايا من هذا النوع.

لترتيب الخطاب الديني

وشدّد أبو فاضل على وجوب ترتيب الخطاب الديني، لافتاً إلى عدم جواز استمرار بعض الاسلاميين بالخطاب الديني المتشدّد الذي ينتهجونه اليوم، معتبراً أنّ الفكر التكفيري ينعكس سلباً على الجميع من سنة وشيعة ودروز ومسيحيين وعلويين إلى آخره من النسيج الطائفي المتنوّع في لبنان.

ورأى أبو فاضل أنّ ​دار الفتوى​ يجب أن تكون هي الأساس في ترتيب الخطاب الديني، معتبراً أنّ مقولة أنّ المسيحيين كفار أو هذه الفئة كافرة وغير ذلك يجب أن تنتهي بشكل كامل، مشدّداً على أنّ خلاصة المجتمع البيروتي والصيداوي والطرابلسي من السنّة هم مصدر فخر واعتزاز.

ولفت أبو فاضل إلى أنه لم يعد لرئيس الجمهورية اليوم في لبنان الصلاحيات التي كانت معطاة له قبل اتفاق الطائف، وأصبحت كلّ الصلاحيات عند رئيس الحكومة.

توقيت سياسي انتخابي

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ وزير العدل ​سليم جريصاتي​ أعدّ مشروع قانون العفو بناءً على توافق الرؤساء الثلاثة، مشدّدًا على أنّ توقيت إعلان قانون العفو هو توقيت سياسي، لافتاً إلى أنّ الرئيس الحريري لديه عداوات وليس فقط خصومات داخل ​الطائفة السنية​ الكريمة، ومعروف أنّ الجميع سيستفيدون من قانون العفو.

ولفت أبو فاضل إلى أننا مقبلون على انتخابات نيابية، وبالتالي فإنّ توقيت قانون العفو هو توقيت انتخابي، وقال إنّ موضوع العفو يريح المجتمع بعض الشيء، وأشار إلى أنّ ​الأجهزة الأمنية​ في لبنان لا تتجرّأ اليوم أن توقف رجلاً لأنّه لم يعد هناك مكان في السجون يتّسع للمزيد من الموقوفين.

ورداً على سؤال، نفى أبو فاضل علمه بما إذا كان قانون العفو يشمل الفلسطينيين والسوريين وغيرهم من الأجانب المقيمين في لبنان، ولكنّه أعرب عن اعتقاده بأنّه يشملهم، شرط ترحيلهم في الوقت عينه إلى خارج البلاد.

زخم ودعم عشية الانتخابات

واعتبر أبو فاضل أنّ قانون العفو يعطي للحكومة اللبنانية وللعهد وللرئيس نبيه بري أيضًا، الذي وصفه بأنه زعيم المعارضة ورئيس السلطة التشريعية، زخمًا ودعمًا عشية الانتخابات النيابية، وهذا الأمر لا يستطيع أن ينكره، وكذلك معارضوهم لا يخسرون بالعفو، على غرار رئيس الحكومة الأسبق ​نجيب ميقاتي​ والوزير السابق ​أشرف ريفي​، تمامًا كما أنّ الرئيس الحريري لا يخسر بالعفو وكذلك ​حزب الله​ و​البطريركية المارونية​ والجميع.

ورداً على سؤال، استبعد أبو فاضل تنفيذ حكم الاعدام بحق أي من المحكومين اليوم في لبنان، مرجّحًا تخفيض عقوبة المحكومين بالاعدام إلى السجن المؤبّد، معربًا عن اعتقاده بأنّ الاعدام لا يوقف الجريمة، مشيراً إلى أنّه كان يؤيد الاعدام في السابق، ولكنّه لم يعد يؤيّده إلى حدّ ما.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ جميع الأفرقاء يستفيدون من إقرار قانون العفو، غير أنّه أعرب عن اعتقاده بأنّ المسيحيين ليسوا من المستفيدين بعكس المسلمين.

التحالفات على القطعة

ورداً على سؤال، استبعد أبو فاضل أن يتفق مختلف الفرقاء على خوض الانتخابات النيابية في مركب مشترك، عازيًا ذلك إلى ​القانون الانتخابي​ القائم على النسبية والصوت التفضيلي، الذي وصفه بأنه قانون "اللهم نفسي"، والذي سيؤدي إلى منافسة حتى بين الشركاء في اللائحة الانتخابية الواحدة.

ولفت أبو فاضل إلى أنّها المرّة الأولى التي تدخل فيها النسبية إلى لبنان في ظلّ هذا القانون الانتخابي، مشدّداً على أن لا مصلحة للاتفاق بين مختلف الفرقاء، معرباً عن اعتقاده بأنّ التحالفات ستكون "على القطعة"، وستختلف بين دائرة وأخرى، وفقاً لخصوصية كلّ دائرة، متسائلاً عمّا إذا كانت التفاهمات تبيح المحظورات.

ورداً على سؤال، استبعد أبو فاضل ن نرى الكثير من الوجوه الجديدة في المجلس النيابي المقبل من غير الأحزاب السياسية التقليدية، مشيراً إلى أنّ نسبة هؤلاء لن تتخطى على الأرجح الثلاثة أو الأربعة في المئة.