هلّل أهالي ​الموقوفين الإسلاميين​ منذ أيام قليلة، لقبول ​محكمة التمييز العسكرية​ برئاسة القاضي ​طاني لطوف​، طلب تمييز حكم الإعدام الصادر عن ​المحكمة العسكرية​ الدائمة بحق الإرهابي ​أحمد الأسير​، الذي لعب دور قائد المجموعة المسلحة التي إعتدت على حاجز الجيش في عبرا عام ٢٠١٣ ثم حاربته في مسجد بلال بن رباح ما أدى الى سقوط حوالى عشرين عسكرياً وضابطاً بين شهيد وجريح.

هلل أهالي الموقوفين الإسلاميين، بعدما وزّع عليهم فريق الدفاع عن الأسير المؤلف من المحامين ​أنطوان نعمه​ و​محمد صبلوح​ وعبد البديع عاكوم خبر قبول التمييز، وإنطلق على وسائل التواصل الإجتماعي ومجموعات الواتساب سيل من التحليلات والإجتهادات يهدف الى الإيحاء للرأي العام، بأن قبول التمييز يشكل مؤشراً واضحاً بأن قانون العفو الذي يعمل على إعداده بين وزارة العدل ورئاستي الجمهورية والحكومة، سيشمل موقوفين ومحكومين كبار كالأسير. غير أن التحليل شيء والنصوص القانونية كما الوقائع السياسية شيء آخر كلياً، وفي هذا السياق يرى مرجع قضائي رفيع أن قبول تمييز حكم الإعدام المقدم من وكلاء الأسير هو أمر طبيعي ومتوقّع لأن العادة درجت في المحاكم بأن يقبل تمييز أي حكم عقوبته الإعدام، وبأن تعاد المحاكمة، ولا علاقة لما حصل مع طلب الأسير بما يحضّر من قانون عفو لا من قريب ولا من بعيد. وفي السياق عينه يكشف مصدر وزاري متابع لقانون العفو، أن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ كرر أمام أكثر من زائر له أنه لا يمكن أن يوقع على قانون عفو عام يتضمن أسماء محكومين أو موقوفين تلطخت أيديهم بدماء ضباط وعسكريين في الجيش اللبناني، كما هو الحال مع الأسير وعدد كبير من الموقوفين الإسلاميين بتهم إرهابية.

وبالعودة الى ما سيحصل في مرحلة تمييز الحكم الصادر بحق الأسير، يكشف قانونيون من أصحاب الخبرات في ملفات المحكمة العسكرية، أن أمام حجم الإرتكابات الموجودة في ملف الأسير الذي حوكم بمواد جنائية، يمكن الإستنتاج أن رهانات فريق الدفاع عن الأسير شيء، وما سيحصل في محكمة التمييز العسكرية شيء آخر. وتتابع المصادر القانونية نفسها أن "إعادة محاكمة الأسير، لن تعني أبداً أن الأمور ستتجه الى تخفيف الحكم من الإعدام الى السجن والأعمال الشاقة المؤبدة أو الى السجن لعشرين أو لثلاثين أو لأربعين عاماً". وتضيف المصادر المتابعة، "عندما أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكم الإعدام، وهو نادراً ما يصدر بحق متهمين إلا إذا كانت جرائمهم من الجنايات الكبرى، بنت حكمها على ما تضمنه ملف الأسير من إعترافات ومعلومات وصور وأفلام وتسجيلات صوتية، تثبت بما لا يقبل الشك أن الأسير شخصياً هو من أمّن الأموال والأسلحة لمجموعته وهو من حرض الشباب على الإنخراط بها، ومن ثم على الجيش اللبناني وهو الذي طلب من معاونه الشيخ أحمد الحريري ومجموعته إزالة حاجز القريب من مربّع مسجد بلال بن رباح، ولو عن طريق قوة السلاح، وبهذه الحادثة تحديداً إنطلقت ​معركة عبرا​. أضف الى ذلك، الأفلام التي سحبها الجيش من كاميرات المراقبة الموجودة داخل المسجد، والتي تثبت مشاركة الأسير بقتال الجيش، لا بل قيادته المعركة عبر عبارته الشهيرة التي هزّت المحكمة عند عرضها عبر الشاشة العملاقة "خزّقوهم خزقّوهم لعناصر الجيش".

خلال إعادة المحاكمة، قد ينكر الأسير مرةً جديدة كل ما إعترف به سابقاً بحجة التعذيب وغيرها من الحجج، وقد يطالب وكلاؤه بالإستماع الى سياسيين وضباط وعلى رأسهم قائد عملية عبرا العميد المتقاعد ​شامل روكز​، غير أن الأمر الأكيد هو أن محكمة التمييز لن تغير في الحكم شيئاً، لأن الجريمة وقعت، والمجرم معروف، ووقائعها موثقة، وعلى رأس قائمة هذه الوقائع، سقوط شهداء بين ضباط وعسكريين ودماؤهم لم يعد من المسموح في هذا العهد أن تذهب هدراً كما في العهود السابقة.